الإمبراطور إنسني، الماضي لا يمكن إرجاعه! الرومانسية الغجرية أيها النجاشي، نيجست، أنقذ الحبشة: كان التهديد يلوح في الأفق على الخط الجنوبي بأكمله، وشمال ميكيلي هزمنا الأعداء. يا النجاشي، النجاشي، ملك الملوك، أعطني الخرطوش بسرعة! مشاهدة أغنية وارسو قبل الحرب

كان غرب الإمبراطورية الرومانية، الذي استولى عليه الألمان، وقسموه إلى ممالك بربرية، في حالة خراب. لم يتم حفظ هناك سوى جزر وأجزاء من الحضارة الهلنستية، والتي كانت قد تحولت بالفعل بحلول ذلك الوقت بنور الإنجيل. كان الملوك الألمان - الكاثوليك والأريوسيون والوثنيون - لا يزالون يكنون تقديسًا للاسم الروماني، لكن مركز الثقل بالنسبة لهم لم يعد المدينة المتداعية والمدمرة والمهجورة على نهر التيبر، بل روما الجديدة، التي أنشأها القديس الإبداعي قسنطينة على الشاطئ الأوروبي من مضيق البوسفور، وكان التفوق الثقافي على مدن الغرب واضحا بلا منازع.

اعتمد سكان الممالك الألمانية الناطقين باللاتينية الأصليين، وكذلك اللاتينيين، الأسماء العرقية للغزاة والأسياد - القوط والفرانكيين والبورغنديين، في حين أصبح الاسم الروماني مألوفًا منذ فترة طويلة لدى الهيلينيين السابقين، الذين تخلوا عن اسمهم العرقي الأصلي التي غذت في الماضي كبرياءهم القومي، إلى الإمبراطوريات الصغيرة في الشرق، إلى الوثنيين. ومن المفارقة أنه في وقت لاحق في روسنا، على الأقل في كتابات الرهبان المتعلمين، يُطلق على الوثنيين من أي أصل، حتى السامويد، اسم "الهيلينيين". الناس من الأمم الأخرى - الأرمن والسريان والأقباط - أطلقوا على أنفسهم أيضًا اسم الرومان، أو في اليونانية، الرومان، إذا كانوا مسيحيين ومواطنين في الإمبراطورية، التي تم تحديدها في أذهانهم بالعالم المسكوني - الكون، وليس بالطبع. ، لأنهم تصوروا أن حدودها هي حافة العالم، ولكن لأن العالم الواقع وراء هذه الحدود كان محرومًا من الامتلاء وقيمة الذات في وعيهم وبهذا المعنى ينتمي إلى ظلام دامس - ميون، في حاجة إلى التنوير والمشاركة فوائد الحضارة الرومانية المسيحية، التي تحتاج إلى الاندماج في العالم المسكوني الحقيقي، أو، بمعنى آخر، في الإمبراطورية الرومانية. منذ ذلك الحين فصاعدًا، كانت الشعوب المعمدانية الجديدة، بغض النظر عن وضعها السياسي الفعلي، تعتبر، بحكم المعمودية نفسها، مدرجة في الجسم الإمبراطوري، وأصبح حكامها من الملوك البرابرة أرشون قبليين، تنبع سلطاتهم من الأباطرة الذين كانوا في حكمهم. لقد دخلوا الخدمة، على الأقل رمزيًا، وحصلوا على رتب من القصر كمكافأة.

في أوروبا الغربية، تعتبر الفترة من القرن السادس إلى القرن التاسع العصور المظلمة، وقد شهد شرق الإمبراطورية خلال هذه الفترة، على الرغم من الأزمات والتهديدات الخارجية والخسائر الإقليمية، ازدهارًا رائعًا ألقيت انعكاساته على الغرب. ولهذا السبب لم تنقلب نتيجة الغزو البربري إلى رحم أم وجود ما قبل التاريخ، كما حدث في زمنها مع الحضارة الميسينية، التي دمرها المهاجرون من مقدونيا وإبيروس، الذين يطلق عليهم تقليديا الدوريان، الذين غزوا حدودها. لم يكن الدوريون في العصر المسيحي - البرابرة الجرمانيون - أعلى من الغزاة القدامى في أخائية من حيث مستوى تطورهم الثقافي، ولكن عندما وجدوا أنفسهم داخل الإمبراطورية وحولوا المقاطعات المحتلة إلى أنقاض، وقعوا في مجال الجذب العاصمة العالمية الغنية والجميلة - روما الجديدة، التي صمدت أمام ضربات العناصر البشرية وتعلمت تقدير الروابط التي تربط شعبها به.

وانتهى العصر بتحريك اللقب الإمبراطوري إلى ملك الفرنجة تشارلز، وبشكل أكثر دقة وقطعا - بفشل محاولات تسوية العلاقات بين الإمبراطور المعلن حديثا والإمبراطور اللاحق - سانت إيرين - لتبقى الإمبراطورية موحدة وغير قابلة للتجزئة إذا كان لها حاكمان يحملان نفس اللقب، كما حدث مرات عديدة في الماضي. أدى فشل المفاوضات إلى تشكيل إمبراطورية منفصلة في الغرب، وهو ما كان، من وجهة نظر التقاليد السياسية والقانونية، عملاً من أعمال الاغتصاب. تم تقويض وحدة أوروبا المسيحية، ولكن لم يتم تدميرها بالكامل، لأن شعوب شرق وغرب أوروبا ظلت لمدة قرنين ونصف قرن آخرين في حضن كنيسة واحدة.

الفترة التي استمرت من القرن السادس إلى مطلع القرنين الثامن والتاسع تُسمى بالبيزنطية المبكرة بعد عفا عليها الزمن، ولكنها لا تزال تستخدم أحيانًا في هذه القرون فيما يتعلق بالعاصمة - وليس أبدًا بالإمبراطورية والدولة - الأسماء الجغرافية القديمة بيزنطة، التي أعيد إحياؤها من قبل مؤرخي العصر الحديث، الذين بدأوا بمثابة اسم الدولة والحضارة نفسها. وفي هذه الفترة، كان أروع أجزائها، وذروتها وأوجها، هو عصر جستنيان الكبير، الذي بدأ مع حكم عمه يوستينوس الأكبر، وانتهت باضطرابات أدت إلى الإطاحة بإمبراطور موريشيوس الشرعي والإمبراطور الشرعي. الصعود إلى قوة المغتصب فوكاس. كان الأباطرة الذين حكموا بعد القديس جستنيان حتى تمرد فوقاس مرتبطين بشكل مباشر أو غير مباشر بسلالة جوستين.

عهد جاستن الأكبر

بعد وفاة أناستاسيوس، تمكن أبناء أخيه، سيد الشرق هيباتيوس وقنصليا بروبوس وبومبي، من المطالبة بالسلطة العليا، لكن مبدأ الأسرة الحاكمة في حد ذاته لا يعني شيئًا في الإمبراطورية الرومانية دون دعم من القوة الحقيقية والجيش. يبدو أن أبناء الإخوة، الذين لم يتلقوا أي دعم من Excuvites (حراس الحياة)، يطالبون بالسلطة. حاول الخصي أمانتيوس، الذي كان يتمتع بنفوذ خاص على الإمبراطور الراحل، وهو حجرة النوم المقدسة (نوع من وزير البلاط)، تنصيب ابن أخيه وحارسه الشخصي ثيوقريطوس إمبراطورًا، ولهذا الغرض، وفقًا لإيفاجريوس سكولاستيكوس، دعا لجنة المحظيين والسيناتور جوستين "نقل إليه ثروة كبيرة، وأمر بتوزيعها على الأشخاص المفيدين بشكل خاص والقادرين على (مساعدة) ثيوقريطس على ارتداء الملابس الأرجوانية. بعد رشوة الناس أو ما يسمى بالخارجين بهذه الثروات … (جاستن نفسه) استولى على السلطة. وفقًا لنسخة جون مالالا، فقد نفذ جاستن بضمير حي أمر أمانتيوس وقام بتوزيع الأموال على Excuvites التابعين له حتى يدعموا ترشيح ثيوقريطس، و"الجيش والشعب، بعد أن أخذوا (المال)، لم يفعلوا ذلك". يريدون أن يجعلوا ثيوقريطس ملكًا، ولكنهم بمشيئة الله جعلوا يوستينوس ملكًا.

وفقًا لنسخة أخرى ومقنعة تمامًا، والتي، مع ذلك، لا تتعارض مع المعلومات المتعلقة بتوزيع الهدايا لصالح ثيوقريطس، في البداية كانت وحدات الحراسة المتنافسة تقليديًا (تكنولوجيا القوة في الإمبراطورية توفر نظامًا للأثقال الموازنة) - كان لدى Excuvites و Schola مرشحين مختلفين للسلطة العليا. رفع Excuvites على درعهم المنبر جون، وهو رفيق جوستين في السلاح، الذي أصبح بعد وقت قصير من تصفيق الإمبراطور لرئيسه رجل دين وعُين مطرانًا على هيراكليا، وأعلن المدرسة سيدًا للعسكرة الحاضرة. (الجيش المتمركز في العاصمة) الإمبراطور باتريسيوس. تم تجنب خطر الحرب الأهلية الناشئة على هذا النحو من خلال قرار مجلس الشيوخ بتعيين إمبراطورًا للقائد العسكري المسن والشعبي جوستين، الذي هزم القوات المتمردة للمغتصب فيتاليان قبل وقت قصير من وفاة أناستاسيوس. وافق Excuvites على هذا الاختيار، ووافق عليه Scholas، ورحب الناس المتجمعون في ميدان سباق الخيل بجوستين.

في 10 يوليو 518، دخل جوستين مربع ميدان سباق الخيل مع البطريرك يوحنا الثاني وكبار الشخصيات. ثم وقف على الدرع، ووضع المعسكر جوديلا سلسلة ذهبية - هريفنيا - حول رقبته. ورفع الدرع على سلام الجنود والشعب. طارت اللافتات. كان الابتكار الوحيد، وفقًا لملاحظة ج. داغرون، هو حقيقة أن الإمبراطور المُعلن حديثًا بعد التزكية "لم يعد إلى قاعة النزل لتلقي الشارة"، لكن الجنود اصطفوا "مثل السلحفاة" لإخفائه "عن أعين المتطفلين" بينما "وضع البطريرك تاجًا على رأسه" و "ألبسه الكلامي". ثم أعلن المبشر نيابة عن الإمبراطور خطاب ترحيب للقوات والشعب، دعا فيه العناية الإلهية للمساعدة في خدمته للشعب والدولة. تم وعد كل محارب بخمس عملات ذهبية ورطل من الفضة كهدية.

توجد صورة لفظية للإمبراطور الجديد في "سجلات" جون مالالا: "كان قصيرًا، عريض الصدر، ذو شعر رمادي مجعد، أنف جميل، أحمر اللون، وسيم". ويضيف المؤرخ إلى وصف مظهر الإمبراطور: "ذو خبرة في الشؤون العسكرية، طموح لكنه أمي".

في ذلك الوقت، كان جوستين يقترب بالفعل من 70 عاما - في ذلك الوقت كان سن الشيخوخة القصوى. ولد حوالي عام 450 لعائلة فلاحية في قرية بيدرياني (الواقعة بالقرب من مدينة ليسكوفاتش الصربية الحديثة). في هذه الحالة، هو، وبالتالي ابن أخيه الأكثر شهرة جستنيان الكبير، ينحدر من نفس داسيا الداخلية مثل القديس قسطنطين، الذي ولد في نيسا. يجد بعض المؤرخين موطن جوستين في جنوب الدولة المقدونية الحديثة - بالقرب من بيتولا. يحدد كل من المؤلفين القدامى والحديثين الأصل العرقي للسلالة بشكل مختلف: يطلق بروكوبيوس على جاستن الإليري، ويطلق إيفاجريوس وجون مالاس على التراقيين. تبدو نسخة الأصل التراقي للسلالة الجديدة أقل إقناعًا. على الرغم من اسم المقاطعة التي ولد فيها جاستن، إلا أن داسيا الداخلية لم تكن داسيا الحقيقية. بعد إخلاء الجحافل الرومانية من داسيا الحقيقية، تم نقل اسمها إلى المقاطعة المجاورة لها، حيث تم إعادة انتشار الجحافل في وقت ما، تاركة داسيا غزاها تراجان، وفي سكانها لم يكن التراقيون، بل الإيليريان العنصر الذي سيطر. علاوة على ذلك، داخل الإمبراطورية الرومانية، بحلول منتصف الألفية الأولى، تم بالفعل الانتهاء من عملية الكتابة بالحروف اللاتينية والهيلينية للتراقيين أو تم الانتهاء منها، في حين أن أحد الشعوب الإيليرية - الألبان - نجا بأمان حتى يومنا هذا. A. Vasilyev يعتبر جاستن بالتأكيد إيليري؛ وبدرجة أو بأخرى، كان بالطبع إيليريًا ذو طابع روماني. على الرغم من حقيقة أن لغته الأم كانت لغة أسلافه، فهو، مثل زملائه القرويين وجميع سكان داسيا الداخلية بشكل عام، وكذلك دردانيا المجاورة، يعرفون اللاتينية على الأقل. على أي حال، كان على جوستين إتقانها في الخدمة العسكرية.

لفترة طويلة، تم النظر بجدية في نسخة الأصل السلافي لجوستين وجستنيان. في بداية القرن السابع عشر، نشر أمين مكتبة الفاتيكان أليمان سيرة ذاتية لجستنيان، منسوبة إلى رئيس الدير ثيوفيلوس، الذي تم تعيينه كمعلم له. وفي هذه السيرة الذاتية، أُعطي جستنيان اسم "Upravda". بهذا الاسم يمكن للمرء بسهولة تخمين الترجمة السلافية للاسم اللاتيني للإمبراطور. حدث تسلل السلاف عبر الحدود الإمبراطورية إلى الجزء الأوسط من البلقان في القرن الخامس، على الرغم من أنه في ذلك الوقت لم يكن ذا طبيعة هائلة ولم يشكل بعد خطرًا جسيمًا. لذلك، لم يتم رفض نسخة الأصل السلافي للسلالة. ولكن، كما يكتب أ.أ "تم العثور على المخطوطة التي استخدمها أليمان وفحصها في نهاية القرن التاسع عشر (1883) من قبل العالم الإنجليزي برايس، الذي أظهر أن هذه المخطوطة، التي تم تجميعها في بداية القرن السابع عشر، ذات طبيعة أسطورية و لا قيمة لها تاريخيا."

في عهد الإمبراطور ليو، ذهب جوستين، جنبا إلى جنب مع زملائه القرويين Zimarchus وDitivist، إلى الخدمة العسكرية للتخلص من الفقر. "وصلوا إلى بيزنطة سيرًا على الأقدام، حاملين على أكتافهم معاطف من جلد الغنم، ولم يكن لديهم عند وصولهم إلى المدينة سوى البسكويت المأخوذ من المنزل. وقد تم إدراجهم في قوائم الجنود، وقد اختارهم الباسيليوس للعمل كحراس البلاط، لأنهم كانوا يتميزون بلياقتهم البدنية الممتازة. كانت الحياة الإمبراطورية للفلاح الفقير، والتي لا يمكن تصورها بشكل خيالي في أوروبا الغربية في العصور الوسطى، ظاهرة عادية بل ونموذجية في أواخر الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية الرومانية، تمامًا كما تكررت التحولات المماثلة أكثر من مرة في تاريخ الصين.

أثناء خدمته في الحرس، حصل جوستين على محظية، والتي اتخذها فيما بعد كزوجته - لوبيسينا، وهي عبدة سابقة اشتراها من سيدها وشريكها. بعد أن أصبحت إمبراطورة، غيرت لوبيسينا اسمها الشائع إلى اسم أرستقراطي. وفقًا لملاحظة بروكوبيوس اللاذعة، "لم تظهر في القصر باسمها الخاص (كان الأمر مضحكًا للغاية)، ولكن بدأ يطلق عليها اسم أوفيميا".

نظرًا لامتلاكه الشجاعة والفطرة السليمة والاجتهاد، حقق جوستين مسيرة عسكرية ناجحة، وترقى إلى رتبة ضابط ثم إلى رتبة جنرال. في حياته المهنية، كان لديه أيضا أعطال. تم الحفاظ على إحداها في السجلات، لأنه بعد صعود يوستينوس، تلقى تفسيرا من العناية الإلهية بين الناس. قصة هذه الحلقة أدرجها بروكوبيوس في كتابه التاريخ السري. أثناء قمع التمرد الإيساوري في عهد أناستاسيوس، كان جاستن في الجيش النشط بقيادة جون، الملقب كيرت - "الأحدب". وهكذا، وبجريمة غير معروفة، اعتقل يوحنا جاستن لكي "يقتله في اليوم التالي، ولكن تم منعه من القيام بذلك عن طريق... رؤية... في الحلم، ظهر له شخص طويل القامة". ... وهذه الرؤيا أمرته بإطلاق سراح زوجه الذي ألقاه في السجن ". في البداية لم يعلق يوحنا أي أهمية على الحلم، لكن رؤيا الحلم تكررت في الليلة التالية ثم مرة ثالثة؛ وهدد الزوج الذي ظهر في الرؤيا كيرت “بأن يجهز له مصيرا رهيبا إذا لم ينفذ ما أمر به، وأضاف أنه لاحقا… سيحتاج بشدة إلى هذا الرجل وأقاربه”. "هذه هي الطريقة التي نجا بها جاستن في ذلك الوقت،" يلخص بروكوبيوس حكايته، ربما بناءً على قصة كيرتوس نفسه.

تروي فاليسيا المجهولة قصة أخرى، والتي، وفقًا للشائعات الشائعة، أنذرت بجوستين، عندما كان بالفعل أحد كبار الشخصيات المقربين من أناستاسيوس، صاحب السلطة العليا. بعد أن وصل إلى سن الشيخوخة العميقة، كان أناستاسيوس يفكر في أي من أبناء أخيه يجب أن يصبح خليفته. ثم في أحد الأيام، من أجل تخمين إرادة الله، دعا الثلاثة إلى غرفته وبعد العشاء تركهم لقضاء الليل في القصر. "لقد أمر بوضع (العلامة) الملكية على رأس سرير واحد، ومن خلاله يختار أحدهم هذا السرير للراحة، سيتمكن من تحديد من سيعطي السلطة لاحقًا. استلقى أحدهم على سرير واحد، بينما اضطجع الاثنان الآخران معًا على السرير الثاني بدافع المحبة الأخوية. و... تبين أن السرير الذي كانت مخبأة فيه العلامة الملكية شاغراً. فلما رأى ذلك، بالتفكير، قرر ألا يحكم أحد منهم، وبدأ يدعو الله أن يرسل له الوحي... وفي إحدى الليالي رأى في المنام رجلاً قال له: "الأول عن الذي ستخبرونه به غدا في مخادعكم وهو يتولى الحكم من بعدكم». وحدث أن جاستن... بمجرد وصوله، تم إرساله إلى الإمبراطور، وكان أول من تم الإبلاغ عنه... بحرف الجر." أناستاسيوس، وفقًا لمجهول، "قدم الامتنان لله لأنه أظهر له وريثًا جديرًا"، ومع ذلك، من الناحية الإنسانية، كان أناستاسيوس منزعجًا مما حدث: "ذات مرة أثناء الخروج الملكي، سارع جاستن إلى التعبير عن الاحترام، وأراد أن يتجول الإمبراطور على جانبه وداس على رداءه قسراً. ولهذا قال له الإمبراطور فقط: "إلى أين أنت مسرع؟"

في تسلق السلم الوظيفي، لم يعيق جاستن الأمية، ووفقًا لتقييم بروكوبيوس المبالغ فيه على الأرجح، الأمية. كتب مؤلف كتاب "التاريخ السري" أنه بعد أن أصبح جاستن إمبراطورًا، وجد صعوبة في التوقيع على المراسيم والدساتير الصادرة، ولكي يتمكن من القيام بذلك، تم صنع "لوحة صغيرة ناعمة" عليها "المخطط التفصيلي" "من أربعة أحرف" تم قطعها، وتعني باللاتينية "اقرأ" (Legi. - بروت. V.Ts.); وبعد أن غمسوا القلم في الحبر الملون الذي يكتب به باسيليوس عادة، سلموه إلى هذا الباسيليوس. ثم وضعوا اللوح المذكور على الوثيقة وأخذوا بيد باسيليوس ورسموا الخطوط العريضة لهذه الحروف الأربعة بالقلم. ونظرًا للدرجة العالية من همجية الجيش، غالبًا ما تم وضع القادة العسكريين الأميين على رأسه. هذا لا يعني على الإطلاق أنهم كانوا جنرالات متواضعين، على العكس من ذلك - في حالات أخرى، تبين أن الجنرالات الأميين والأميين هم قادة بارزون. بالانتقال إلى العصور والشعوب الأخرى، يمكننا أن نشير إلى أن شارلمان، على الرغم من أنه كان يحب القراءة ويقدر التعليم الكلاسيكي تقديرًا كبيرًا، لم يكن يعرف الكتابة. كان جاستن، الذي اشتهر في عهد أناستازيا لمشاركته الناجحة في الحرب مع إيران ثم، قبل وقت قصير من صعوده إلى قمة السلطة، لقمع تمرد فيتاليان في المعركة البحرية الحاسمة بالقرب من أسوار العاصمة، في على أقل تقدير، قائد عسكري مقتدر وإداري وسياسي حكيم، كما تقول الشائعات الشعبية ببلاغة: شكر أناستاسيوس الله عندما أُعلن له أنه سيصبح خليفته، وبالتالي فإن يوستينوس لا يستحق صفات بروكوبيوس المزدري: "إنه كان بسيطًا تمامًا (ليس الأمر كذلك، ربما فقط في المظهر والأخلاق. - بروت. V.Ts.)، لم يكن يستطيع التحدث بشكل جيد وكان ذكوريًا جدًا بشكل عام"؛ وحتى: "لقد كان ضعيف العقل للغاية، وهو حقًا مثل حمار القطيع، لا يستطيع إلا أن يتبع من يشد لجامه، ويهز أذنيه بين الحين والآخر". معنى هذا الكلام المسيء هو أن يوستينوس لم يكن حاكمًا مستقلاً، وأنه تم التلاعب به. من وجهة نظر بروكوبيوس، تبين أن مثل هذا المتلاعب الشرير، وهو نوع من "السماحة الرمادية"، هو ابن شقيق الإمبراطور جستنيان.

لقد تجاوز حقًا عمه في القدرات، بل وأكثر من ذلك في التعليم، وساعده عن طيب خاطر في شؤون الحكومة، ويتمتع بالثقة الكاملة من جانبه. كان المساعد الآخر للإمبراطور هو المحامي المتميز بروكلس، الذي شغل منصب القسطور في البلاط المقدس من 522 إلى 526 وترأس المكتب الإمبراطوري.

كانت الأيام الأولى من عهد جاستن عاصفة. إن ناظر حجرة النوم المقدسة، أمانتيوس، وابن أخيه ثيوقريطوس، الذي توقع أن يكون وريثًا لأناستاسيوس، لم يقبلا الهزيمة المؤسفة، وفشل مكائدهما، "خططا"، بحسب ثيوفان المعترف، "لإثارة الغضب". ولكنهم دفعوا ثمن حياتهم." ملابسات المؤامرة غير معروفة. قدم بروكوبيوس إعدام المتآمرين بشكل مختلف، غير مواتٍ لجوستين وخاصة جستنيان، الذي يعتبره المذنب الرئيسي لما حدث: “لم تمر حتى عشرة أيام بعد وصوله إلى السلطة (أي إعلان جوستين إمبراطورًا. - بروت. V.Ts) كيف قتل مع آخرين رئيس بلاط الخصيان أمانتيوس دون أي سبب إلا لأنه قال كلمة طائشة لأسقف المدينة يوحنا. إن ذكر بطريرك القسطنطينية يوحنا الثاني يلقي الضوء على الربيع المحتمل للمؤامرة. والحقيقة هي أن يوستينوس وابن أخيه يوستنيان، على عكس أنستاسيوس، كانا من أتباعه، وكانا مثقلين بقطع الشركة الإفخارستية مع روما. لقد اعتبروا التغلب على الانقسام واستعادة وحدة الكنيسة في الغرب والشرق هو الهدف الرئيسي لسياستهم، خاصة وأن جستنيان الكبير رأى احتمال استعادة الإمبراطورية الرومانية في امتلائها السابق وراء تحقيق هذا الهدف. كان الشخص الذي يشبههم في التفكير هو رئيس كنيسة العاصمة الذي تم تعيينه حديثًا، يوحنا. يبدو أنه في محاولته اليائسة لإعادة اللعبة التي تم لعبها بالفعل من خلال القضاء على جاستن، أرادت حجرة النوم المقدسة الاعتماد على هؤلاء الشخصيات البارزة الذين، مثل الإمبراطور الراحل، انجذبوا نحو المونوفيزيتية والذين لم يكونوا مهتمين كثيرًا بالانقطاع في التواصل الكنسي مع انظر الروماني. وفقًا للمونوفيزي جون نيكيوس، الذي يشير إلى الإمبراطور فقط باسم جاستن القاسي، بعد وصوله إلى السلطة، "أعدم جميع الخصيان، بغض النظر عن درجة ذنبهم، لأنهم لم يوافقوا على انضمامه إلى العرش". العرش." ومن الواضح أن الخصيان الآخرين في القصر كانوا من المونوفيزيين، بالإضافة إلى بادئة حجرة النوم المقدسة التي كانت مسؤولة عنهم.

حاول أناستاسيوس فيتاليان الاعتماد على أتباع الأرثوذكسية في تمرده ضده. والآن، في الوضع الجديد، على الرغم من حقيقة أنه لعب دورًا حاسمًا في هزيمة المتمردين، قرر جاستن الآن، ربما بناءً على نصيحة ابن أخيه، تقريب فيتاليان من نفسه. تم تعيين فيتاليان في أعلى منصب عسكري لقائد الجيش المتمركز في العاصمة وضواحيها - magister militum praesentalis - وحصل حتى على لقب القنصل لمدة 520 عامًا، والذي كان يحمله عادةً في تلك الحقبة الإمبراطور وأعضاء المجلس. منزل إمبراطوري يحمل ألقاب أغسطس أو قيصر، وفقط كبار الشخصيات من الأشخاص الذين ليسوا من أقرباء المستبد.

ولكن بالفعل في يناير 520، قتل فيتاليان في القصر. وفي الوقت نفسه أصيب بـ 16 جرحًا بالخنجر. نجد بين المؤلفين البيزنطيين ثلاث روايات رئيسية تتعلق بمنظمي مقتله. وبحسب أحدهم، فقد قُتل بأمر من الإمبراطور، لأنه علم أنه "يخطط للتمرد عليه". هذه هي نسخة جون نيكيوس، الذي كان فيتاليان بغيضًا في نظره بشكل خاص لأنه، بالقرب من الإمبراطور، أصر على قطع لسان بطريرك أنطاكية المونوفيزيتي سيفيروس بسبب "مواعظه المليئة بالحكمة والاتهامات ضد الإمبراطور ليو وأتباعه". الإيمان الشرير، بمعنى آخر، ضد العقيدة الأرثوذكسية. بروكوبيوس القيصري في "التاريخ السري"، المكتوب بغضب شخص مهووس بكراهية القديس جستنيان، يسميه المذنب في وفاة فيتاليان: بعد أن حكم بشكل استبدادي باسم عمه، جستنيان في البداية "أرسل على عجل إلى المغتصب فيتاليان، بعد أن قدم له ضمانًا على سلامته من قبل، ولكن "سرعان ما اشتبه في أنه أهانه، فقتله دون سبب في القصر مع أقاربه، دون النظر على الإطلاق إلى القسم الفظيع الذي أقسمه سابقًا". كعائق أمام ذلك." ومع ذلك، فإن النسخة التي تم تقديمها في وقت لاحق، ولكن ربما لا تعتمد على أي مصادر وثائقية باقية، تستحق المزيد من الثقة. وهكذا، وفقًا لثيوفان المعترف، وهو كاتب في مطلع القرنين الثامن والتاسع، قُتل فيتاليان بطريقة ماكرة على يد البيزنطيين الذين كانوا غاضبين منه لإبادة الكثير من مواطنيهم أثناء تمرده. ضد أناستاسيوس." يمكن إعطاء سبب للاشتباه في مؤامرة جستنيان ضد فيتاليان من خلال حقيقة أنه بعد مقتله تولى منصب قائد الجيش، الذي أصبح شاغرًا، على الرغم من أنه في الواقع كان لابن أخ الإمبراطور بلا شك مسارات أكثر مباشرة ولا يمكن لومها إلى أعلى المستويات المناصب في الدولة، فهذه حجة جدية لا يمكن أن يخدمها هذا الظرف.

لكن الفعل الذي قام به الإمبراطور ابن أخيه هو استعادة الشركة الإفخارستية مع الكنيسة الرومانية، والتي تم كسرها في عهد زينون فيما يتعلق بنشر "Enotikon" سيئ السمعة، الذي كانت مبادرته تنتمي إلى البطريرك اكاكيوس، حتى أن هذا الانقطاع نفسه، الذي استمر خلال 35 سنة، سمي في روما "الانشقاق الأكاشي". في عيد الفصح عام 519، وبعد مفاوضات صعبة للغاية أجراها المندوبون البابويون في القسطنطينية، أقيمت قداس إلهي في كنيسة آيا صوفيا بالعاصمة بمشاركة البطريرك يوحنا والمندوبين البابويين. لقد دُفع جستنيان إلى اتخاذ هذه الخطوة ليس فقط بسبب التزامه المشترك بالمبادئ الخلقيدونية، ولكن أيضًا بسبب اهتمامه بإزالة العقبات (من بينها الانقسام الكنسي الأكثر صعوبة) لتنفيذ الخطة العظيمة التي حددها بالفعل. لاستعادة سلامة الإمبراطورية الرومانية.

وقد انحرفت الحكومة عن تنفيذ هذه الخطة لظروف مختلفة، كان من بينها تجدد الحرب على الحدود الشرقية. سبقت هذه الحرب حدث نادر في تاريخ العلاقات بين إيران وروما، لم تكن مرحلة سلمية فحسب، بل كانت أيضًا مرحلة ودية مباشرة، تأسست في السنوات الأولى من حكم جوستين. منذ نهاية القرن الخامس، اهتزت إيران بسبب المواجهة التي سببتها تعاليم مازداك، الذي بشر بأفكار اجتماعية طوباوية شبيهة بالشيلية، والتي نمت على التربة المسيحية: حول المساواة العالمية وإلغاء الملكية الخاصة، بما في ذلك إدخال من مجتمع الزوجات. لقد حصل على دعم هائل من عامة الناس ومن ذلك الجزء من الطبقة الأرستقراطية العسكرية، التي كانت مثقلة بالاحتكار الديني للسحرة الزرادشتيين. وكان من بين المتحمسين للمزداكية أشخاص ينتمون إلى أسرة الشاه. أسرت وعظ مازداك شاه كافاد نفسه، لكنه أصيب فيما بعد بخيبة أمل من هذه المدينة الفاضلة، حيث رأى فيها تهديدًا مباشرًا للدولة، وابتعد عن مازداك وبدأ في اضطهاده هو وأنصاره. نظرًا لكونه كبيرًا في السن، حرص الشاه على أن ينتقل العرش بعد وفاته إلى ابنه الأصغر خسروف أنوشيروان، الذي كان مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بدوائر أتباع الديانة الزرادشتية التقليدية المتحمسين، متجاوزًا ابنه الأكبر كاوس، الذي تربيته كافاد في ذلك الوقت. من شغفه بالمازدكية، عهد إلى المتعصبين لهذا التعليم، وهو، على عكس والده، الذي غير آرائه، بقي مازداكي في قناعاته.

من أجل الحصول على ضمان إضافي لنقل السلطة إلى خسرو، قرر كافاد حشد الدعم في حالة حدوث تطورات حاسمة من روما وأرسل رسالة إلى جوستين، والتي أعاد بروكوبيوس القيصري سردها (وليس في كتابه "التاريخ السري"، ولكن في الكتاب الأكثر جدارة بالثقة "الحرب مع الفرس" ) يبدو مثل هذا: "أنت نفسك تعلم أننا عانينا من الظلم من الرومان، لكنني قررت أن أنسى تمامًا كل المظالم ضدك ... ومع ذلك، لكل هذا أنا أطلب منك معروفًا واحدًا، يكون قادرًا على أن يمنحنا كل بركات العالم الكثيرة. أقترح عليك أن تجعل خسرو، الذي سيكون خليفة قوتي، ابنك بالتبني. كانت هذه فكرة تعكس الوضع قبل قرن من الزمان، عندما، بناءً على طلب الإمبراطور أركاديوس، أخذ الشاه يزدجرد تحت جناحه الطفل الرضيع خليفة أركاديوس ثيودوسيوس الثاني.

أبهجت رسالة كافاد كلاً من جوستين وجستنيان، اللذين لم يجدا أي مشكلة في ذلك، ولكن قسطور موظفي البلاط المقدس، بروكلس (الذي لم يبخل بروكوبيوس بمدحه في كل من تاريخ الحروب وفي "التاريخ السري"، حيث يقارنه بمحامي بارز آخر تريبونيان وجستنيان نفسه كمؤيد للقوانين القائمة ومعارض للإصلاحات التشريعية) رأى في اقتراح الشاه خطراً على الدولة الرومانية. وقال مخاطباً جاستن: «لست معتاداً أن أضع يدي على أي شيء ينم عن الابتكار.. وأنا أعلم جيداً أن الرغبة في الابتكار محفوفة بالمخاطر دائماً.. في رأيي نحن الآن نتحدث عن لا شيء». ليس تحت ذريعة معقولة لنقل دولة الروم إلى الفرس... لأن... هذه السفارة منذ البداية تهدف إلى جعل خسرو هذا، أيًا كان، وريثًا لباسيليوس الروماني.. وبموجب القانون الطبيعي، فإن ملكية الآباء ملك لأبنائهم. نجح بروكلس في إقناع جاستن وابن أخيه بخطورة اقتراح كافاد، ولكن بناءً على نصيحته الخاصة، تقرر عدم رفض طلبه مباشرة، بل إرسال مبعوثين إليه للتفاوض على السلام - حتى ذلك الحين لم يكن هناك سوى هدنة في الواقع، ولم تتم تسوية مسألة الحدود. أما بالنسبة لتبني خسرو من قبل جوستين، فسيتعين على السفراء أن يعلنوا أنه سيتم "كما يحدث بين البرابرة"، و"يقوم البرابرة بالتبني ليس بمساعدة الرسائل، ولكن عن طريق تسليم الأسلحة والدروع". ". إن السياسي ذي الخبرة والحذر المفرط بروكلس، وكما هو واضح، المشرقي الماكر بروكوبيوس، الذي تعاطف تمامًا مع عدم ثقته، لم يكن على حق في شكوكهم، وكان رد الفعل الأول على اقتراح الشاه من جانب حكام روما، كان من الممكن أن يكونوا في الأصل من المناطق الريفية النائية الإيليرية أكثر ملاءمة، لكنهم غيروا رأيهم واتبعوا نصيحة بروكلس.

تم إرسال ابن شقيق الإمبراطور الراحل، أناستاسيا هيباتيوس، والأرستقراطي روفين، الذي كانت تربطه علاقات ودية مع الشاه، للمفاوضات. ومن الجانب الإيراني، شارك في المفاوضات شخصيات رفيعة المستوى سيوس أو سيافوش وميفود (محبود). وجرت المفاوضات على حدود الدولتين. عند مناقشة شروط معاهدة السلام، كانت حجر العثرة هي دولة لاز، والتي كانت تسمى في العصور القديمة كولشيس. منذ زمن الإمبراطور ليو، خسرتها روما وأصبحت في دائرة نفوذ إيران. لكن قبل وقت قصير من هذه المفاوضات، بعد وفاة ملك اللاز دمناز، لم يرغب ابنه تساف في التوجه إلى الشاه ليطلب منه منحه اللقب الملكي؛ وبدلاً من ذلك، ذهب إلى القسطنطينية عام 523، واعتمد هناك، وأصبح تابعًا للدولة الرومانية. وطالب المبعوثون الإيرانيون خلال المفاوضات بعودة لازيكا إلى السلطة العليا للشاه، إلا أن هذا الطلب قوبل بالرفض باعتباره مهينًا. بدوره، اعتبر الجانب الإيراني اقتراح اعتماد خسرو من قبل جوستين وفق طقوس الشعوب البربرية “إهانة لا تطاق”. وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود ولم يكن من الممكن الاتفاق على أي شيء.

كان الرد على انهيار المفاوضات من جانب كافاد هو القمع ضد آل إيفرز، المرتبطين ارتباطًا وثيقًا باللاز، الذين، وفقًا لبروكوبيوس، "هم مسيحيون وأفضل من جميع الشعوب المعروفة لدينا، ويحافظون على مواثيق هذا الإيمان". ولكن منذ القدم... كانوا تابعين للملك الفارسي. قرر كافاد إجبارهم على اعتناق إيمانه بالقوة. وطلب من ملكهم جرجن أن يقوم بجميع الطقوس التي يلتزم بها الفرس، ومن بين أمور أخرى، عدم دفن الموتى تحت أي ظرف من الظروف، بل رميهم جميعًا لتلتهمهم الطيور والكلاب. لجأ الملك غورغن، أو بطريقة أخرى، باكور، إلى جوستين طلبًا للمساعدة، وأرسل ابن شقيق الإمبراطور أناستاسيوس، الأرستقراطي بروفوس، إلى مضيق البوسفور السيميري، حتى يرسل حاكم هذه الدولة، مقابل مكافأة مالية، أقاربه. القوات ضد الفرس لمساعدة جرجن. لكن مهمة Prov لم تحقق نتائج. رفض حاكم البوسفور المساعدة، واحتل الجيش الفارسي جورجيا. فر غورغن مع عائلته والنبلاء الجورجيين إلى لازيكا، حيث واصلوا مقاومة الفرس الذين غزوا لازيكا الآن.

ذهبت روما إلى الحرب مع إيران. في بلاد اللاز، في قلعة البتراء القوية، الواقعة بالقرب من قرية تسيخيسدزيري الحديثة، بين باتوم وكوبوليتي، تمركزت حامية رومانية، لكن المسرح الرئيسي للعمليات العسكرية أصبح المنطقة المألوفة لحروب الرومان مع الفرس - أرمينيا وبلاد ما بين النهرين. دخل الجيش الروماني إلى أرمينيا الفارسية تحت قيادة القائدين الشابين سيتا وبيليساريوس، اللذين كانا برتبة رماح جستنيان، وتحركت القوات بقيادة قائد جيش الشرق ليفلاريوس ضد مدينة نصيبين في بلاد ما بين النهرين. تصرف سيتا وبيليساريوس بنجاح، فدمروا البلاد التي دخلتها جيوشهم، و"أسروا العديد من الأرمن وانسحبوا إلى حدودهم". لكن الغزو الثاني للرومان في أرمينيا الفارسية تحت قيادة نفس القادة العسكريين لم ينجح: فقد هزمهم الأرمن، الذين كان قادتهم شقيقين من عائلة كامساراكان النبيلة - نارسيس وأراتي. صحيح أنه بعد هذا النصر بفترة وجيزة خان الأخوان الشاه واتجها إلى جانب روما. وفي الوقت نفسه، عانى جيش Livelarius خلال الحملة من الخسائر الرئيسية ليس من العدو، ولكن بسبب الحرارة الشديدة، وفي النهاية اضطر إلى التراجع.

في عام 527، أقال يوستينوس القائد العسكري سيئ الحظ، وعيّن ابن شقيق أناستاسيوس هيباتيوس قائدًا لجيش الشرق، وبيليساريوس دوكس بلاد ما بين النهرين، الذي عُهد إليه بقيادة القوات التي انسحبت من نصيبين وتمركزت في درعا. وفي حديثه عن هذه الحركات، لم يفشل مؤرخ الحرب مع الفرس في الإشارة إلى: "وفي الوقت نفسه تم تعيين بروكوبيوس له كمستشار" - أي هو نفسه.

في عهد جوستين، قدمت روما الدعم المسلح للمملكة الإثيوبية البعيدة وعاصمتها في أكسوم. شن ملك إثيوبيا المسيحي كالب حربًا مع ملك اليمن الذي رعى اليهود المحليين. وبمساعدة روما، تمكن الإثيوبيون من هزيمة اليمن، واستعادة هيمنة الديانة المسيحية في هذا البلد الواقع على الجانب الآخر من مضيق باب المندب. أ.أ. يلاحظ فاسيلييف في هذا الصدد: "في اللحظة الأولى، فوجئنا برؤية كيف يدعم جوستين الأرثوذكسي، الذي ... شن هجومًا ضد المونوفيزيين في إمبراطوريته، الملك الإثيوبي المونوفيزيتي. ومع ذلك، خارج الحدود الرسمية للإمبراطورية، دعم الإمبراطور البيزنطي المسيحية ككل... ومن وجهة نظر السياسة الخارجية، نظر الأباطرة البيزنطيون إلى كل غزو للمسيحية باعتباره غزوًا سياسيًا وربما اقتصاديًا مهمًا. فيما يتعلق بهذه الأحداث في إثيوبيا، تطورت فيما بعد أسطورة اكتسبت مكانة رسمية، وهي مدرجة في كتاب "كبرى نيغاست" ("مجد الملوك")، والتي بموجبها التقى ملكان - جوستين وكالب - في القدس وانقسما هناك الأرض بأكملها فيما بينهم، ولكن في هذه الحالة، ذهب الجزء الأسوأ منها إلى روما، والجزء الأفضل إلى ملك أكسوم، لأنه ذو أصل أنبل - من سليمان وملكة سبأ، وشعبه هم ولذلك فإن إسرائيل الجديدة المختارة من الله هي واحدة من الأمثلة العديدة على جنون العظمة المسياني الساذج.

في عشرينيات القرن الخامس عشر، عانت الإمبراطورية الرومانية من عدة زلازل دمرت مدنًا كبيرة في أنحاء مختلفة من الدولة، بما في ذلك ديراتشيوم (دوريس)، وكورنث، وأنازارب في كيليكية، لكن الأكثر كارثية في عواقبها كان الزلزال الذي ضرب مدينة أنطاكية. مع حوالي 1 مليون نسمة. وكما كتب ثيوفان المعترف، في 20 مايو 526، "في الساعة السابعة بعد الظهر، أثناء القنصلية في روما، عانت أوليفريا، أنطاكية سوريا الكبرى، من كارثة لا توصف بسبب غضب الله... تقريبًا انهارت المدينة بأكملها وأصبحت مقبرة لسكانها. البعض، وهم تحت الأنقاض، أصبحوا أحياء ضحايا نار تخرج من الأرض؛ وسقطت نار أخرى من الهواء على شكل شرارات وأحرقت مثل البرق من التقى به. وفي نفس الوقت اهتزت الأرض لمدة عام كامل. ووقع ما يصل إلى 250 ألف أنطاكي، بقيادة بطريركهم إفراسيوس، ضحية الكارثة الطبيعية. تطلبت استعادة أنطاكية نفقات هائلة واستمرت لعقود.

منذ بداية حكمه، اعتمد جوستين على مساعدة ابن أخيه. في 4 أبريل 527، قام الإمبراطور العجوز والمصاب بمرض خطير بتعيين جستنيان إمبراطورًا مشاركًا له بلقب أغسطس. توفي الإمبراطور جوستين في 1 أغسطس 527. قبل وفاته عانى من آلام مبرحة نتيجة جرح قديم في ساقه اخترقها سهم العدو في إحدى المعارك. بعض المؤرخين يعطونه تشخيصًا مختلفًا بأثر رجعي - السرطان. في أفضل سنواته، جاستن، على الرغم من أنه أمي، فقد تميز بقدرات كبيرة - وإلا فإنه لم يكن ليعمل كقائد عسكري، ناهيك عن أن يصبح إمبراطورًا. "في جوستينا" ، بحسب إف. أوسبنسكي، "يجب على المرء أن يرى رجلاً مستعدًا تمامًا للنشاط السياسي، والذي جلب إلى الإدارة خبرة معينة وخطة مدروسة جيدًا... الحقيقة الرئيسية لنشاط جاستن هي نهاية نزاع الكنيسة الطويل مع الغرب، "والتي يمكن وصفها بعبارة أخرى بأنها استعادة الأرثوذكسية في شرق الإمبراطورية بعد الهيمنة الطويلة للمونوفيزيتية.

جستنيان وثيودورا

بعد وفاة جوستين، ظل ابن أخيه وشريك الإمبراطور جستنيان، الذي كان في ذلك الوقت يحمل بالفعل لقب أغسطس، الإمبراطور الوحيد. إن بداية حكمه الوحيد، وبهذا المعنى، الحكم الملكي لم يسبب ارتباكًا سواء في القصر أو في العاصمة أو في الإمبراطورية.

قبل صعود عمه، كان الإمبراطور المستقبلي يسمى بيتر ساففاتي. أطلق على نفسه اسم جستنيان تكريما لعمه جوستين، وبعد ذلك، بعد أن أصبح إمبراطورًا، كما فعل أسلافه، كان اسم عائلة المستبد المسيحي الأول قسطنطين هو فلافيوس، بحيث يقرأ اسمه في الدبتيش القنصلي لعام 521 فلافيوس بيتر ساباتيوس جستنيان. ولد عام 482 أو 483 في قرية توريسيا بالقرب من بيدريانا، القرية الأصلية لخاله جوستين، لعائلة فلاحية فقيرة من ساباتيوس وفيجيلانس، من الإيليرية، وفقًا لبروكوبيوس، أو، على الأرجح، من أصل تراقي. ولكن حتى في المناطق النائية الريفية في إليريكوم في ذلك الوقت، كانوا يستخدمون اللغة اللاتينية، بالإضافة إلى اللغة المحلية، وكان جستنيان يعرفها منذ الطفولة. وبعد ذلك، وجد نفسه في العاصمة، تحت رعاية عمه، الذي حقق مهنة رائعة كجنرال في عهد أناستاسيوس، جستنيان، الذي كان يتمتع بقدرات غير عادية، وفضول لا ينضب واجتهاد استثنائي، أتقن اللغة اليونانية وحصل على شامل وشامل، ولكن في الغالب، كما يمكن استخلاصه من نطاق أنشطته واهتماماته اللاحقة، بما في ذلك التعليم القانوني واللاهوتي، على الرغم من أنه كان ضليعًا أيضًا في الرياضيات والبلاغة والفلسفة والتاريخ. وكان أحد أساتذته في العاصمة اللاهوتي المتميز ليونتيوس البيزنطي.

نظرًا لعدم ميله إلى الشؤون العسكرية، التي تفوق فيها جاستن بشكل ملحوظ، فقد تطور ككرسي بذراعين ورجل كتب، كما أنه مستعد جيدًا للأنشطة الأكاديمية والحكومية. ومع ذلك، بدأ جستنيان حياته المهنية في عهد الإمبراطور أناستازيا بمنصب ضابط في مدرسة قصر Excubites تحت عمه. لقد أثرى تجربته بالبقاء لعدة سنوات في بلاط ملك القوط الشرقيين ثيودوريك الكبير كوكيل دبلوماسي للحكومة الرومانية. هناك تعرف على الغرب اللاتيني وإيطاليا والبرابرة الآريوسيين بشكل أفضل.

في عهد جاستن، الذي أصبح أقرب مساعديه ثم الحاكم المشارك، مُنح جستنيان الألقاب الفخرية وألقاب السيناتور والكوميت والأرستقراطي. وفي عام 520 تم تعيينه قنصلًا للعام التالي. ورافقت الاحتفالات التي أقيمت بهذه المناسبة “أغلى الألعاب والعروض في ميدان سباق الخيل الذي عرفته القسطنطينية على الإطلاق. قُتل ما لا يقل عن 20 أسدًا و30 نمرًا وعددًا غير معروف من الحيوانات الغريبة الأخرى في سيرك كبير". في وقت واحد، شغل جستنيان منصب سيد جيش الشرق؛ في أبريل 527، قبل وقت قصير من وفاة جوستين، تم إعلانه أغسطس، ولم يصبح فقط بحكم الأمر الواقع، ولكن الآن بحكم القانون شارك في حكم عمه، الذي كان يحتضر بالفعل. وجرت هذه المراسم بشكل متواضع، في غرف يوستينوس الشخصية، «التي لم يعد يسمح له مرض خطير بمغادرتها»، «بحضور البطريرك أبيفانيوس وغيره من كبار الشخصيات».

نجد صورة لفظية لجستنيان في بروكوبيوس: “لم يكن كبيرًا ولم يكن صغيرًا جدًا، ولكنه متوسط ​​​​الطول، ولم يكن نحيفًا، ولكنه ممتلئ الجسم قليلاً؛ وكان وجهه مستديرًا لا يخلو من الجمال، لأنه حتى بعد يومين من الصيام كان يحمر خجلاً. ولإعطاء فكرة عن ظهوره في بضع كلمات، سأقول إنه كان يشبه إلى حد كبير دوميتيان، ابن فيسباسيان، الذي نجت تماثيله. يمكن الوثوق بهذا الوصف، خاصة أنه لا يتوافق فقط مع الصور البارزة المنمنمة على العملات المعدنية، ولكن أيضًا مع الصور الفسيفسائية لجستنيان في كنائس رافينا في سانت أبوليناريس وسانت فيتاليوس وتمثال الحجر السماقي في معبد القديس في البندقية. . علامة.

لكن لا يستحق الوثوق بنفس بروكوبيوس عندما يكون في "التاريخ السري" (يُسمى أيضًا "Anekdote"، وهو ما يعني "غير منشور"، لذا فإن هذا العنوان التقليدي للكتاب، نظرًا لمحتواه الغريب، دخل حيز الاستخدام لاحقًا باسم إن تسمية النوع المقابل - قصص لاذعة ولاذعة، ولكن ليست بالضرورة موثوقة) تميز شخصية جستنيان وقواعده الأخلاقية. على أقل تقدير، فإن تقييماته الشريرة والمتحيزة، التي تتناقض تمامًا مع تصريحات أخرى، ذات لهجة مدح بالفعل، والتي زود بها تاريخه عن الحروب بشكل كبير وخاصة أطروحة "حول المباني"، يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار بشكل نقدي. ولكن، بالنظر إلى الدرجة الشديدة من العداء المزعج الذي يكتب به بروكوبيوس عن شخصية الإمبراطور في التاريخ السري، فلا يوجد سبب للشك في صحة الخصائص الموضوعة فيه، والتي تمثل جستنيان من الجانب الأفضل، بغض النظر عما إذا كان - إيجابية أو سلبية أو مشكوك فيها - في العالم رآهم المؤلف نفسه بتسلسله الهرمي الخاص للقيم الأخلاقية. يكتب: "بالنسبة لجستنيان، كل شيء سار بسهولة... لأنه... كان يعيش دون نوم وكان الشخص الأكثر سهولة في الوصول إليه في العالم." كان لدى الناس، حتى المتواضعين وغير المعروفين تمامًا، كل الفرص ليس فقط للمجيء إلى الطاغية، ولكن أيضًا لإجراء محادثة سرية معه»؛ "في الإيمان المسيحي... كان ثابتاً"؛ "يمكن القول إنه لم يكن بحاجة تقريبًا إلى النوم ولم يأكل أو يشرب أبدًا على أكمل وجه، لكن كان يكفيه بالكاد أن يلمس الطعام بأطراف أصابعه حتى يتوقف عن الأكل. وكأن هذا الأمر بدا له أمرًا ثانويًا تفرضه الطبيعة، إذ غالبًا ما كان يبقى دون طعام لمدة يومين، خاصة عندما يحين الوقت عشية الاحتفال بما يسمى بعيد الفصح. ثم في كثير من الأحيان... كان يبقى يومين دون طعام، مكتفيًا بقدر قليل من الماء والنباتات البرية، وينام إن شاء الله ساعة، ويقضي بقية الوقت في حركة مستمرة.

كتب بروكوبيوس بمزيد من التفصيل عن زهد جستنيان الزاهد في كتابه "في المباني": "كان ينهض باستمرار من سريره عند الفجر، ويبقى مستيقظًا في مخاوف بشأن الدولة، ودائمًا ما يوجه شؤون الدولة شخصيًا بالفعل والقول، سواء أثناء الصباح أو في الصباح". وعند الظهر، وغالبًا طوال الليل. في وقت متأخر من الليل، كان يستلقي على سريره، ولكن في كثير من الأحيان كان ينهض على الفور، كما لو كان غاضبًا وساخطًا على الفراش الناعم. وعندما بدأ في الأكل، لم يلمس النبيذ ولا الخبز ولا أي شيء آخر صالح للأكل، بل أكل فقط الخضار، وفي نفس الوقت الخشنة، المنقوعة لفترة طويلة في الملح والخل، وكانت بمثابة طبق. شرب له الماء النقي. ولكن حتى مع هذا لم يكن يشبع أبدًا: عندما قُدمت له الأطباق، كان قد ذاق فقط من تلك التي كان يأكلها في ذلك الوقت، وأعاد الباقي. إن تفانيه الاستثنائي في أداء الواجب لا يخفى في "التاريخ السري" التشهيري: "ما أراد أن ينشره باسمه، لم يعهد بتجميعه إلى شخص يشغل منصب القسطور موظف روماني، كما كانت العادة، لكنه اعتبره" فيجوز أن يفعل ذلك في أغلبه بنفسه " ويرى بروكوبيوس السبب في ذلك في أنه عند جستنيان "لم يكن هناك شيء من الكرامة الملكية، ولم ير ضرورة لحراستها، لكنه كان في لغته ومظهره وطريقة تفكيره مثل البربري". في مثل هذه الاستنتاجات، يتم الكشف عن درجة ضمير المؤلف بشكل مميز.

ولكن هل إمكانية الوصول إلى جستنيان، التي لاحظها هذا الكاره للإمبراطور، واجتهاده الذي لا يضاهى، والذي ينبع بوضوح من الشعور بالواجب، ونمط الحياة الزاهد والتقوى المسيحية، متوافقة مع الاستنتاج الأصلي للغاية حول الطبيعة الشيطانية للإمبراطور، تدعم الذي يشير المؤرخ إلى أدلة رجال الحاشية الذين لم يذكر أسماءهم، والذين "بدا لهم أنهم كانوا يرون نوعًا من الشبح الشيطاني غير العادي بدلاً منه"؟ بأسلوب فيلم إثارة حقيقي، بروكوبيوس، الذي توقع التخيلات الغربية في العصور الوسطى حول الشيطانة والحضانة، يستنسخ، أو بالأحرى لا يزال يخترع، ثرثرة مذهلة حول "أن والدته ... كانت تخبر أحد المقربين منه أنه لم يولد منها" زوج سافاتي وليس من أي شخص. وقبل أن تحمل به، زارها شيطان غير مرئي، لكنه ترك لها انطباعًا بأنه كان معها وجامعها كرجل مع امرأة، ثم اختفى كما في الحلم. أو كيف تحدث أحد رجال الحاشية "كيف ... قام فجأة من العرش الملكي وبدأ يتجول ذهابًا وإيابًا (لم يكن معتادًا على الجلوس في مكان واحد لفترة طويلة)، وفجأة اختفى رأس جستنيان فجأة، و بدا أن بقية جسده استمر في القيام بهذه الحركات الطويلة، هو نفسه (الذي رأى هذا) صدق (وعلى ما يبدو، بشكل معقول ورصين، إذا لم يكن كل هذا اختراعًا خالصًا). - بروت. V.Ts.) أن الرؤية أصبحت غير واضحة، وظل مصدوماً ومكتئباً لفترة طويلة. فلما رجع الرأس إلى الجسد ظن في حرج أن الفجوة التي كانت قد سدت».

مع مثل هذا النهج الرائع لصورة الإمبراطور، لا يستحق أن نأخذ على محمل الجد القدح الوارد في هذا المقطع من التاريخ السري: "لقد كان ماكرًا وعرضة للخداع، وكان أحد أولئك الذين يطلق عليهم الحمقى الأشرار... كانت كلماته وأفعاله مليئة بالأكاذيب باستمرار، وفي الوقت نفسه استسلم بسهولة لأولئك الذين أرادوا خداعه. كان فيه مزيج غير عادي من عدم المعقولية وفساد الشخصية... كان هذا باسيليوس مليئًا بالمكر والخداع، وكان يتميز بالنفاق، وكان لديه القدرة على إخفاء غضبه، وكان ذو وجهين، وخطيرًا، وكان ممثلًا ممتازًا عندما كان من الضروري إخفاء أفكاره، وعرف كيف يذرف الدموع ليس من الفرح أو الحزن، بل يسببها بشكل مصطنع في الوقت المناسب حسب الحاجة. لقد كذب باستمرار." يبدو أن بعض السمات المذكورة هنا تتعلق بالصفات المهنية للسياسيين ورجال الدولة. لكن، كما نعلم، من الشائع أن يلاحظ الإنسان رذائله في جاره بيقظة خاصة، فيبالغ في الميزان ويشوهه. بروكوبيوس، الذي كتب "تاريخ الحروب" وكتاب "في المباني" الذي كان أكثر من مجاملة لجستنيان بيد، و"التاريخ السري" باليد الأخرى، يضغط بقوة خاصة على النفاق والازدواجية الامبراطور.

يمكن أن تكون أسباب تحيز بروكوبيوس مختلفة، ومن الواضح أنها كانت مختلفة - ربما بعض الحلقات غير المعروفة المتبقية من سيرته الذاتية، ولكن ربما أيضًا حقيقة أن عطلة قيامة المسيح بالنسبة للمؤرخ الشهير كانت "ما يسمى بعيد الفصح". ; وربما هناك عامل آخر: وفقًا لبروكوبيوس، فإن جستنيان "حظر اللواط بموجب القانون، مع إخضاع حالات التحقيق التي لم تحدث بعد صدور القانون، ولكن فيما يتعلق بالأشخاص الذين لوحظوا في هذه الرذيلة قبله بوقت طويل ... أولئك الذين تعرضوا بهذه الطريقة تم حرمانهم من أعضائهم المخزيين وتم تسييرهم حول المدينة على أي حال ... وكانوا غاضبين أيضًا من المنجمين. و... السلطات... أخضعتهم للتعذيب لهذا السبب وحده، وبعد أن جلدتهم بقوة على ظهورهم، وضعتهم على الجمال وحملتهم في جميع أنحاء المدينة - وهم بالفعل كبار السن ومحترمون من جميع النواحي، والذين ولم يُتهموا إلا بحقيقة رغبتهم في أن يصبحوا حكماء في علم النجوم."

ومهما كان الأمر، ففي ضوء هذه التناقضات والتناقضات الكارثية الموجودة في "التاريخ السري" سيئ السمعة، ينبغي أن يكون يافليثق أكثر بالخصائص التي يمنحها له نفس بروكوبيوس في كتبه المنشورة: في «تاريخ الحروب» وحتى في كتاب «في المباني» المكتوب بنبرة مدح: «في عصرنا ظهر الإمبراطور جستنيان، الذي، بعد أن تولى السلطة على الدولة، التي هزتها الاضطرابات وأدت إلى الضعف المخزي، زاد حجمها وأوصلها إلى حالة رائعة... وجد الإيمان بالله في الماضي غير مستقر ومضطرًا إلى اتباع طرق الطوائف المختلفة، بعد أن لقد محا من على وجه الأرض كل الطرق المؤدية إلى هذه التقلبات الهرطقية، وقد حقق ذلك، حتى أنها تقف الآن على أساس متين من الاعتراف الحقيقي... لقد غفر بنفسه، من تلقاء نفسه، في ونحن، الذين كنا نتآمر ضده، بعد أن ملأنا المحتاجين إلى وسائل العيش إلى حد التشبع بالثروة، وبالتالي التغلب على المصير المؤسف الذي كان مهينًا لهم، ضمنا أن تسود متعة الحياة في الإمبراطورية... أولئك الذين نعرفهم بالشائعات يقولون إن أفضل ملك كان الملك الفارسي كورش... إذا ألقى أي شخص نظرة فاحصة على عهد إمبراطورنا جستنيان... سيعترف هذا الشخص أن كورش وسلطته كانا لعبة في المقارنة معه."

مُنح جستنيان قوة بدنية ملحوظة وصحة ممتازة، ورثها عن أسلافه الفلاحين وخفف من أسلوب الحياة المتواضع والزاهد، الذي قاده في القصر، في البداية كحاكم مشارك لعمه، ثم باعتباره المستبد الوحيد. لم يتم تقويض صحته المذهلة من خلال الليالي الطوال التي ينغمس فيها، كما هو الحال في النهار، في شؤون الحكومة. في سن الشيخوخة، عندما كان يبلغ من العمر 60 عامًا، أصيب بالطاعون وتم شفاؤه بنجاح من هذا المرض القاتل، ثم عاش حتى سن الشيخوخة.

كان حاكمًا عظيمًا، وكان يعرف كيف يحيط نفسه بمساعدين من ذوي القدرات المتميزة: هؤلاء هم الجنرالات بيليساريوس ونارسيس، والمحامي البارز تريبونيان، والمهندسين المعماريين اللامعين إيزيدور ميليتس وأنتيميوس من ثرال، ومن بين هؤلاء النجوم اللامعين زوجته ثيودورا أشرقت كنجمة. نجم من الدرجة الأولى.

التقى بها جستنيان حوالي عام 520 وأصبح مهتمًا بها. مثل جستنيان، كان لثيودورا أصول أكثر تواضعًا، وإن لم تكن عادية جدًا، ولكنها غريبة إلى حد ما. وُلدت في سوريا، وبحسب بعض المعلومات الأقل موثوقية، في قبرص في نهاية القرن الخامس؛ تاريخ ميلادها الدقيق غير معروف. وقد وجد أبوها أكاكيوس، الذي انتقل مع عائلته إلى عاصمة الإمبراطورية، نوعاً من الدخل هناك: فقد أصبح، بحسب رواية بروكوبيوس، التي يكررها مؤرخون بيزنطيون آخرون، "مشرفاً على حيوانات السيرك"، أو كما يقول. كان يُطلق عليه أيضًا اسم "محطم الخزائن". لكنه مات مبكرًا، تاركًا ثلاث بنات صغيرات يتيمات: كوميتو، وثيودورا، وأناستازيا، ولم تكن أكبرهن قد بلغت السابعة من عمرها بعد. تزوجت أرملة "مفرقع الخزائن" للمرة الثانية على أمل أن يواصل زوجها الجديد حرفة المتوفى، لكن آمالها لم تكن مبررة: فقد وجدوا بديلاً آخر له في ديما براسينوف. ومع ذلك، فإن والدة الفتيات اليتيمات، وفقًا لقصة بروكوبيوس، لم تفقد قلبها، و"عندما ... تجمع الناس في السيرك، قامت بوضع أكاليل الزهور على رؤوس ثلاث فتيات وأعطت أكاليل من الزهور لكل واحدة منهن". بكلتا يديها، ضعهما على ركبتيهما مع صلاة الاستعاذة. ربما من أجل الانتصار الأخلاقي على منافسيهم، اعتنى حزب السيرك المنافس التابع لعصابة فينيتي بالأيتام وأخذ زوج أمهم إلى منصب المشرف على الحيوانات في فصيلهم. منذ ذلك الحين، أصبحت ثيودورا، مثل زوجها، من أشد المعجبين بفينيتي - الأزرق.

وعندما كبرت البنات، وضعتهن أمهن على المسرح. بروكوبيوس، الذي يميز مهنة أكبرهم، كوميتو، يدعوها ليست ممثلة، كما ينبغي أن يكون الحال مع موقف هادئ تجاه الموضوع، ولكن من جنسين مختلفين؛ بعد ذلك، في عهد جستنيان، تزوجت من قائد الجيش سيتا. خلال طفولتها التي قضتها في الفقر والحاجة، كانت ثيودورا، بحسب بروكوبيوس، "ترتدي ثوبًا بأكمام... وترافقها وتخدمها في كل شيء". وعندما كبرت الفتاة أصبحت ممثلة في المسرح المقلد. "لقد كانت رشيقة وذكية بشكل غير عادي. ولهذا السبب كان الجميع سعداء بها." يعتبر بروكوبيوس أحد أسباب البهجة التي جلبت فيها الجمال الشاب للجمهور ليس فقط إبداعها الذي لا ينضب في النكات والنكات، ولكن أيضًا افتقارها إلى الخجل. قصته الإضافية عن ثيودور مليئة بالتخيلات المخزية والقذرة، التي تحد من الهذيان الجنسي، والتي تتحدث عن المؤلف نفسه أكثر من ضحية إلهامه التشهيري. هل هناك أي حقيقة لهذه اللعبة من الخيال الإباحي المحموم؟ إن المؤرخ الشهير جيبون في عصر "التنوير"، الذي حدد نغمة الموضة الغربية للرهاب البيزنطي، يصدق بروكوبيوس عن طيب خاطر، ويجد حجة لا تقاوم لصالح مصداقية الحكايات التي رواها في عدم احتماليتها: "إنهم" "لا تخترع مثل هذه الأشياء المذهلة، فهذا يعني أنها حقيقية." وفي الوقت نفسه، يمكن أن يكون المصدر الوحيد للمعلومات عن هذا الجزء من بروكوبيوس هو القيل والقال في الشوارع، لذلك لا يمكن الحكم على نمط الحياة الفعلي لشابة ثيودورا إلا بناءً على مخطط السيرة الذاتية وخصائص المهنة الفنية وأخلاق البيئة المسرحية. يرفض المؤرخ الحديث نورويتش، الذي يتطرق إلى هذا الموضوع، مصداقية تلميحات بروكوبيوس المرضية، ولكن، مع الأخذ في الاعتبار الشائعات التي يمكن أن يستمد منها بعض حكاياته، يلاحظ أنه "لا يزال، كما نعلم، لا يوجد دخان بدون نار" ، فلا شك في أن ثيودورا، كما قالت جداتنا، كان لها «ماضٍ». سواء كانت أسوأ من غيرها، فإن الإجابة على هذا السؤال تظل مفتوحة. كتب العالم البيزنطي الشهير س. ديهل، وهو يتطرق إلى هذا الموضوع الحساس: "بعض السمات النفسية لثيودورا، واهتمامها بالفتيات الفقيرات اللاتي ماتن في العاصمة بسبب العوز أكثر من الفساد، والإجراءات التي اتخذتها لإنقاذهن وتحريرهن". "من نير العبودية المخزي"... وكذلك القسوة الاحتقارية إلى حد ما التي كانت تظهرها دائمًا للرجال، تؤكد إلى حد ما ما يروي عن شبابها... ولكن هل يمكن تصديق بسبب هذا أن ثيودورا مغامرات أنتجت تلك الفضيحة الرهيبة التي وصفها بروكوبيوس، وأنها كانت حقا مومس غير عادية؟ .. يجب ألا نغفل حقيقة أن بروكوبيوس يحب أن يعرض فساد الأشخاص الذين يصورهم بنسب أسطورية تقريبًا ... أنا ... سأكون أميل جدًا إلى رؤيتها ... بطلة أكثر ابتذالًا القصة - راقصة تتصرف بنفس الطريقة التي يتصرف بها الناس في جميع الأوقات مع النساء في مهنتها.

لكي نكون منصفين، تجدر الإشارة إلى أن الخصائص غير المبهجة الموجهة إلى ثيودورا جاءت أيضًا من اتجاه مختلف، ومع ذلك، لا يزال جوهرها غير واضح. يعرب الشيخ ديهل عن خيبة أمله لأن المؤرخ المونوفيزي الأسقف يوحنا الأفسسي، “الذي كان يعرف ثيودورا عن كثب، احترامًا لعظماء هذا العالم، لم يخبرنا بالتفصيل عن كل العبارات المسيئة التي بها، على حد تعبيره، الأتقياء. الرهبان - أناس مشهورون بصراحتهم الوحشية."

عندما أصبح الخبز المسرحي الذي يصعب الحصول عليه، في بداية عهد جاستن، مريرًا بالنسبة لثيودورا، غيرت أسلوب حياتها، وأصبحت قريبة من أحد مواطني مدينة صور، وربما من مواطنها هيكيبول، الذي تم تعيينه حاكمًا بعد ذلك. من مقاطعة بنتابوليس الواقعة بين ليبيا ومصر، فغادر معه إلى مكانه الخدمات. كما علق س. ديهل على هذا الحدث في حياة ثيودورا، "لقد سئمت أخيرًا من الاتصالات العابرة، وبعد أن وجدت رجلاً جادًا يوفر لها مكانة قوية، بدأت تعيش حياة كريمة في الزواج والتقوى". لكن حياتها العائلية لم تدم طويلا، وانتهت بالانفصال. تركت فيودورا معها ابنة صغيرة. بعد أن هجرها هيكبول، الذي لا يُعرف مصيره لاحقًا، انتقلت ثيودورا إلى الإسكندرية، حيث استقرت في منزل مضياف تابع لمجتمع المونوفيزايت. وفي الإسكندرية، كانت تتحدث كثيرًا مع الرهبان الذين تطلب منهم العزاء والإرشاد، وكذلك مع الكهنة والأساقفة.

هناك التقت بالبطريرك المونوفيزيتي المحلي تيموثاوس - في ذلك الوقت ظل عرش الإسكندرية الأرثوذكسي شاغرًا - ومع بطريرك أنطاكية المونوفيزيتي سيفير، الذي كان في المنفى في هذه المدينة، موقف محترم احتفظت تجاهه إلى الأبد، وهو ما حفز بشكل خاص لها عندما أصبحت مساعدة قوية لزوجها في السعي للمصالحة بين الديافيزيين والمونوفيزيتيين. في الإسكندرية، أخذت تعليمها بجدية، وقرأت كتب آباء الكنيسة والكتاب الأجانب، وتمتلك قدرات غير عادية، وعقل ثاقب للغاية وذاكرة رائعة، مع مرور الوقت، مثل جستنيان، أصبحت واحدة من أكثر المثقفين أهل عصرها، خبيرًا كفؤًا في اللاهوت. دفعتها ظروف الحياة إلى الانتقال من الإسكندرية إلى القسطنطينية. على عكس كل ما هو معروف عن تقوى ثيودورا وسلوكها الذي لا تشوبه شائبة منذ أن غادرت المسرح، كتب بروكوبيوس، الذي فقد إحساسه ليس فقط بالتناسب، ولكن أيضًا بالواقع والمعقولية، أنه "بعد أن مرت عبر الشرق بأكمله، عادت إلى بيزنطة. "في كل مدينة، لجأت إلى حرفة، أعتقد أنه لا يمكن لأي شخص أن يسميها دون أن يفقد رحمة الله"، يرد هذا التعبير هنا لإظهار قيمة شهادة الكاتب: في أماكن أخرى من كراسته، دون خوف. "حرمان رحمة الله" يسمي بحماس أكثر الممارسات المخزية الموجودة في الواقع والتي اخترعها خياله المحموم والتي ينسبها زوراً إلى ثيودورا.

وفي القسطنطينية استقرت في بيت صغير على أطرافها. نظرًا لحاجتها إلى الأموال، قامت، وفقًا للأسطورة، بإنشاء ورشة للغزل ونسجت فيها الخيوط بنفسها، وقسمت عمل العاملات المستأجرات. هناك، في ظل ظروف لا تزال مجهولة، حوالي عام 520، التقت ثيودورا بابن أخ الإمبراطور جستنيان، الذي أصبح مهتمًا بها. في ذلك الوقت، كان بالفعل رجلاً ناضجًا، يقترب من الأربعين من عمره. لم تكن الرعونة من سماته أبدًا. من الواضح أنه لم يكن لديه خبرة كبيرة مع النساء في الماضي. لقد كان جادًا جدًا وصعب الإرضاء لذلك. بعد أن تعرف على ثيودورا، وقع في حبها بتفان وثبات مذهلين، وبعد ذلك، خلال زواجهما، تم التعبير عن ذلك في كل شيء، بما في ذلك أنشطته كحاكم، والتي أثرت على ثيودورا بشكل لا مثيل له.

نظرًا لامتلاكها جمالًا نادرًا وعقلًا ثاقبًا وتعليمًا عرف جستنيان كيف يقدره عند النساء، وذكاء لامع، وضبط النفس المذهل وشخصية قوية، تمكنت ثيودورا من أسر خيال الشخص المختار رفيع المستوى. حتى بروكوبيوس الحاقد والانتقامي، الذي يبدو أنه قد أساء بشكل مؤلم من بعض نكاتها اللاذعة، لكنه كان يحمل ضغينة ونشرها على صفحات "التاريخ السري" المكتوبة "على الطاولة"، يشيد بها. الجاذبية الخارجية: “كانت ثيودورا جميلة الوجه ومملوءة رشاقة، ولكنها قصيرة القامة، شاحبة الوجه، ولكنها ليست بيضاء تمامًا، بل شاحبة مصفرة؛ كانت نظرتها من تحت حاجبيها المجعدين مهددة. هذا نوع من الصورة اللفظية مدى الحياة، وهو أكثر موثوقية لأنه يتوافق مع الصورة الفسيفسائية لها، وكذلك مدى الحياة، والتي تم الحفاظ عليها في حنية كنيسة القديس فيتالي في رافينا. ومع ذلك، فإن الوصف الناجح لهذه الصورة لها، التي يرجع تاريخها، ليس إلى وقت معرفتها بجستنيان، ولكن إلى وقت لاحق من حياتها، عندما كانت الشيخوخة قد بدأت بالفعل، قدمها س. عباءة الإمبراطورية، يبدو الخصر أعلى، ولكن أقل مرونة؛ تحت الإكليل الذي يخفي الجبهة، يبدو وجهًا صغيرًا لطيفًا ذو شكل بيضاوي أرق إلى حد ما وأنف كبير مستقيم ورقيق مهيبًا وحزينًا تقريبًا. لقد تم الحفاظ على شيء واحد فقط على هذا الوجه الباهت: تحت الخط الداكن للحواجب المندمجة، عيون سوداء جميلة... لا تزال تضيء ويبدو أنها تدمر الوجه. تم التأكيد على العظمة البيزنطية الرائعة حقًا لمظهر أوغوستا في هذه الفسيفساء من خلال ملابسها الملكية: “الرداء الطويل من اللون الأرجواني البنفسجي الذي يغطيها من الأسفل يلمع بأضواء في الطيات الناعمة للحافة الذهبية المطرزة؛ وعلى رأسها محاط بهالة إكليل مرتفع من الذهب والأحجار الكريمة. ويتشابك شعرها مع خيوط اللؤلؤ وخيوط مرصعة بالأحجار الكريمة، وتتساقط نفس الزخارف على كتفيها في تيارات متلألئة.

بعد أن التقى ثيودورا ووقع في حبها، طلب جستنيان من عمه أن يمنحها لقب أرستقراطي رفيع. أراد شريك الإمبراطور في الحكم أن يتزوجها، لكنه واجه عقبتين في نيته. كان أحدهما ذا طبيعة قانونية: أعضاء مجلس الشيوخ، الذين كان ابن أخ المستبد ينضم إلى صفهم بشكل طبيعي، ممنوعون بموجب قانون الإمبراطور المقدس قسطنطين من الزواج من ممثلات سابقات، والآخر نشأ من مقاومة فكرة مثل هذا سوء التصرف من جانب زوجة الإمبراطور أوفيميا، التي أحبت ابن أخيها زوجها وتمنت له بصدق كل خير، على الرغم من أنها هي نفسها، لم تكن تسمى في الماضي من قبل هذه الأرستقراطية، ولكن من قبل عامة الناس اسم لوبيسينا، والذي يجده بروكوبيوس مضحكًا ومضحكًا. سخيف، وكان له أصول متواضعة. لكن مثل هذا التعصب هو على وجه التحديد سمة مميزة للأفراد الذين ارتقوا فجأة، خاصة عندما يتميزون بالبراءة الممزوجة بالفطرة السليمة. لم يكن جستنيان يريد أن يتعارض مع تحيزات عمته، التي استجاب لحبها بمودة ممتنة، ولم يتسرع في الزواج. لكن مر الوقت، وفي عام 523 ذهبت أوفيميا إلى الرب، وبعد ذلك ألغى الإمبراطور جوستين، الذي كان أجنبيًا عن تحيزات زوجته الراحلة، القانون الذي يحظر على أعضاء مجلس الشيوخ الزواج غير المتكافئ، وفي عام 525، في كنيسة آيا صوفيا، البطريرك تزوج أبيفانيوس من السيناتور والأرستقراطي جستنيان من الأرستقراطي ثيودورا.

عندما أُعلن جستنيان أغسطسًا وحاكمًا مشاركًا لجوستين في 4 أبريل 527، كانت زوجته القديسة ثيودورا بجانبه وحصلت على التكريم المناسب. ومنذ ذلك الحين تقاسمت مع زوجها أعماله الحكومية وأوسمة الشرف التي كانت تليق به كإمبراطور. استقبلت ثيودورا السفراء، وقابلت كبار الشخصيات، وأقيمت لها التماثيل. وشمل قسم الدولة كلا الاسمين - جستنيان وثيودورا: "أقسم بالله القدير، ابنه الوحيد، ربنا يسوع المسيح، والروح القدس، والدة الإله القديسة المجيدة، ومريم الدائمة البتولية، والأناجيل الأربعة، والإنجيل المقدس". "يا رئيسي الملائكة ميخائيل وجبرائيل، أنني سأخدم جيدًا الملكين الأكثر تقوى وقدسية جستنيان وثيودورا، زوجة صاحب الجلالة الإمبراطورية، وسأعمل بلا خجل من أجل نجاح استبدادهما وحكمهما".

الحرب مع الشاه الفارسي كافاد

كان أهم حدث في السياسة الخارجية في السنوات الأولى من حكم جستنيان هو الحرب المتجددة مع إيران الساسانية، والتي وصفها بروكوبيوس بالتفصيل. تمركزت أربعة جيوش ميدانية متنقلة لروما في آسيا وتشكلت ب يامعظم القوات المسلحة للإمبراطورية والمخصصة للدفاع عن حدودها الشرقية. كان هناك جيش آخر متمركز في مصر، وكان هناك فيلقان في البلقان - في تراقيا وإيليريكوم، ويغطيان العاصمة من الشمال والغرب. يبلغ عدد الحرس الشخصي للإمبراطور، المكون من سبعة سكولاس، 3500 جندي وضابط مختار. وكانت هناك أيضًا حاميات في المدن ذات الأهمية الاستراتيجية، خاصة في الحصون الواقعة في المنطقة الحدودية. ولكن، كما يتبين من الوصف أعلاه لتكوين ونشر القوات المسلحة، كانت إيران الساسانية تعتبر العدو الرئيسي.

في عام 528، أمر جستنيان قائد حامية مدينة دارا الحدودية، بيليساريوس، بالبدء في بناء قلعة جديدة في ميندون، بالقرب من نصيبين. عندما ارتفعت أسوار القلعة، التي عمل في بنائها العديد من العمال، إلى ارتفاع كبير، شعر الفرس بالقلق وطالبوا بوقف البناء، ورأوا فيه انتهاكا للاتفاقية المبرمة في وقت سابق، في عهد جوستين. رفضت روما الإنذار، وبدأ الجانبان في إعادة انتشار القوات على الحدود.

في المعركة بين المفرزة الرومانية بقيادة كوتسا والفرس بالقرب من أسوار القلعة قيد الإنشاء، هُزم الرومان، وتم القبض على الناجين، بما في ذلك القائد نفسه، وكانت الجدران التي كان بناؤها بمثابة الفتيل من الحرب، تم تسويتها بالأرض. في عام 529، عين جستنيان بيليساريوس في أعلى منصب عسكري لسيد الشرق، أو في اليونانية طبقية. وقام بتجنيد المزيد من القوات وحرك الجيش نحو نصيبين. بجانب بيليساريوس في المقر كان هيرموجينيس، الذي أرسله الإمبراطور، والذي كان أيضًا برتبة سيد - في الماضي كان أقرب مستشاري فيتاليان عندما قام بتمرد ضد أناستاسيوس. كان الجيش الفارسي بقيادة ميران (القائد الأعلى) بيروز يسير نحوهم. وكان عدد الجيش الفارسي في البداية يصل إلى 40 ألفاً من الفرسان والمشاة، ثم وصلت تعزيزات قوامها 10 آلاف شخص. وعارضهم 25 ألف جندي روماني. وهكذا كان للفرس تفوق مزدوج. على كلا الخطين الأماميين كانت هناك قوات من قبائل مختلفة من القوتين العظميين.

وجرت مراسلات بين القادة العسكريين: ميران بيروز أو فيروز من الجانب الإيراني وبليساريوس وهيرموجينس من الجانب الروماني. عرض القادة الرومان السلام، لكنهم أصروا على انسحاب الجيش الفارسي من الحدود. كتب ميران ردًا على ذلك أنه لا يمكن الوثوق بالرومان، وبالتالي فإن الحرب وحدها هي التي يمكنها حل النزاع. اختتمت الرسالة الثانية التي أرسلها بيليساريوس ورفاقه إلى بيروز بالكلمات: "إذا كنتم حريصين جدًا على الحرب فسوف نعارضكم بعون الله: نحن واثقون من أنه سيساعدنا في الخطر متعاليًا". لسلام الروم وغضب من كبرياء الفرس الذين قرروا حربنا وعرضوا عليك السلام. "إننا نسير إليكم، وقد علقنا على رؤوس راياتنا قبل القتال ما كتب بعضنا لبعض". كان رد ميران على بيليساريوس مليئًا بالغطرسة الهجومية والتفاخر: "ونذهب إلى المعركة ليس بدون مساعدة آلهتنا، معهم سنذهب ضدك، وآمل أن يقودونا غدًا إلى دارا". لذلك فليجهز لي الحمام والعشاء في المدينة.»

وقعت المعركة العامة في يوليو 530. بدأه بيروز عند الظهر مع توقع "أنهم سوف يهاجمون الجياع"، لأن الرومان، على عكس الفرس، الذين اعتادوا تناول الغداء في نهاية النهار، يتناولون الطعام قبل الظهر. بدأت المعركة بإطلاق النار بالأقواس، بحيث حجبت السهام المندفعة في كلا الاتجاهين ضوء الشمس. كان لدى الفرس إمدادات أكثر ثراءً من السهام، لكنها نفدت في النهاية. كان الرومان في صالح الريح التي هبت في وجه العدو، لكن كانت هناك خسائر كبيرة في كلا الجانبين. عندما لم يبق شيء لإطلاق النار، دخل الأعداء في قتال بالأيدي مع بعضهم البعض باستخدام الرماح والسيوف. خلال المعركة، تم اكتشاف تفوق القوات أكثر من مرة على جانب واحد أو آخر في أجزاء مختلفة من خط الاتصال القتالي. جاءت لحظة خطيرة بشكل خاص بالنسبة للجيش الروماني عندما وقف الفرس على الجانب الأيسر تحت قيادة فارسمان الأعور، جنبًا إلى جنب مع مفرزة من "الخالدين"، "اندفعوا بسرعة نحو الرومان الواقفين ضدهم"، و"لقد هربوا، غير قادرين على الصمود في وجه هجومهم،» ولكن بعد ذلك حدثت نقطة تحول حسمت نتيجة المعركة. ضرب الرومان الذين كانوا على الجانب المفرزة المتقدمة بسرعة من الجانب وقطعوها إلى قسمين. وتم تطويق الفرس الذين كانوا في المقدمة وإعادتهم إلى الوراء، ثم توقف الروم الهاربون منهم واستداروا وضربوا الجنود الذين طاردوهم سابقًا. وجد الفرس أنفسهم محاصرين بالعدو، وقاوموا بشدة، ولكن عندما سقط قائدهم فارسمان، وألقي من حصانه وقتل على يد سونيكا، هربوا في ذعر: تفوق عليهم الرومان وضربوهم. مات ما يصل إلى 5 آلاف فارسي. أخيرًا أمر بيليساريوس وهيرموجينيس بوقف المطاردة خوفًا من المفاجآت. "في ذلك اليوم"، بحسب بروكوبيوس، "تمكن الرومان من هزيمة الفرس في معركة لم تحدث منذ فترة طويلة". ولفشله، عانى ميران بيروز من عقوبة مذلة: “نزع الملك منه حلية الذهب واللؤلؤ التي كان يرتديها عادة على رأسه. وهذا عند الفرس علامة أعلى الكرامة بعد الملك.

ولم تنته الحرب مع الفرس بانتصار الروم على أسوار درعا. وتدخل شيوخ البدو العرب في اللعبة، فتجولوا على طول حدود الإمبراطوريتين الرومانية والإيرانية ونهبوا المدن الحدودية لإحداهما بالاتفاق مع سلطات الأخرى، ولكن قبل كل شيء، لمصلحتهم الخاصة - من أجل مصلحتهم الخاصة. وكان أحد هؤلاء الشيوخ هو علموندار، وهو لص ذو خبرة عالية ومبتكر وواسع الحيلة، ولا يخلو من القدرات الدبلوماسية. في الماضي، كان يُعتبر تابعًا لروما، وحصل على لقب الأرستقراطي الروماني وملك شعبه، لكنه انتقل بعد ذلك إلى جانب إيران، ووفقًا لبروكوبيوس، "على مدى 50 عامًا، استنفد قوى الإمبراطورية". الرومان... من حدود مصر إلى بلاد ما بين النهرين، دمر جميع المناطق، وسرق وأخذ كل شيء، وأحرق المباني التي صادفها، واستعبد عشرات الآلاف من الناس؛ لقد قتل معظمهم على الفور، وباع الآخرين مقابل الكثير من المال”. كان عارف، التلميذ الروماني من بين شيوخ العرب، يعاني دائمًا من انتكاسات في مناوشات مع علموندار، أو "تصرف بشكل غدر، كما ينبغي السماح به على الأرجح"، كما يشتبه بروكوبيوس. ظهر علموندار في بلاط شاه كافاد ونصحه بالتحرك حول مقاطعة أوسروين بحامياتها الرومانية العديدة عبر الصحراء السورية إلى البؤرة الاستيطانية الرئيسية لروما في بلاد الشام - إلى أنطاكية الرائعة، التي يعاني سكانها من الإهمال والاهتمام بشكل خاص. يتعلق الأمر فقط بالترفيه، بحيث يكون الهجوم بالنسبة له مفاجأة رهيبة لن يتمكنوا من الاستعداد لها مسبقًا. أما عن صعوبات الزحف عبر الصحراء، فاقترح علموندار: "لا تقلقوا من نقص المياه أو أي شيء آخر، فأنا بنفسي سأقود الجيش كما أعتقد الأفضل". قبل الشاه اقتراح علموندار، ووضع العزارية الفارسية على رأس الجيش الذي كان سيقتحم أنطاكية، وكان علموندار بجانبه "ليشير إليه الطريق".

وبعد أن علم بالخطر الجديد، قام بيليساريوس، الذي قاد القوات الرومانية في الشرق، بتحريك جيش قوامه 20 ألف جندي لمواجهة العدو، فتراجع. لم يرغب بيليساريوس في مهاجمة العدو المنسحب، لكن المشاعر الحربية سادت بين القوات، ولم يتمكن القائد من تهدئة جنوده. في 19 أبريل 531، في يوم عيد الفصح المقدس، دارت معركة على ضفاف النهر بالقرب من كالينيكوس، انتهت بهزيمة الرومان، لكن المنتصرين، الذين أجبروا جيش بيليساريوس على التراجع، تكبدوا خسائر فادحة: عندما عادوا إلى منازلهم وتم إحصاء القتلى والأسرى. يتحدث بروكوبيوس عن كيفية القيام بذلك: قبل الحملة، يرمي كل جندي سهمًا واحدًا في سلال موضوعة على أرض العرض، “ثم يتم تخزينها، ومختومة بالختم الملكي؛ وعندما يعود الجيش... يأخذ كل جندي سهمًا واحدًا من هذه السلال. عندما عادت قوات العاصرة من حملة فشلوا فيها في الاستيلاء على أنطاكية أو أي مدينة أخرى، على الرغم من انتصارهم في حالة كالينيكوس، ساروا في تشكيل أمام كافاد، وأخذوا السهام من سلالهم، إذن، " "لأنه كان هناك الكثير من السهام في السلال ... اعتبر الملك هذا النصر وصمة عار على العازرة وأبقاه بعد ذلك من بين الأقل استحقاقًا."

مسرح آخر للحرب بين روما وإيران كان، كما في الماضي، أرمينيا. في عام 528، غزت مفرزة من الفرس أرمينيا الرومانية من جانب أرمينيا الفارسية، لكنها هُزمت على يد القوات المتمركزة هناك، بقيادة سيتا، وبعد ذلك أرسل الشاه إلى هناك جيشًا أكبر تحت قيادة ميرميروي، كان العمود الفقري له. وكان عدد المرتزقة سافير 3 آلاف فارس. ومرة أخرى تم صد الغزو: هُزمت ميرميروي على يد القوات بقيادة سيتا ودوروثيوس. ولكن بعد أن تعافى من الهزيمة، بعد أن قام بتجنيد إضافي، غزا ميرميروي الإمبراطورية الرومانية مرة أخرى وأقام معسكرًا بالقرب من مدينة ساتالا، الواقعة على بعد 100 كيلومتر من طرابزون. هاجم الرومان المعسكر بشكل غير متوقع - بدأت معركة دامية عنيدة، وكانت نتيجتها في الميزان. الدور الحاسم فيها لعبه الفرسان التراقيون الذين قاتلوا تحت قيادة فلورنسا والذين لقوا حتفهم في هذه المعركة. بعد الهزيمة، غادر ميرميروي الإمبراطورية، وذهب ثلاثة قادة عسكريين فارسيين بارزين من أصل أرمني: الإخوة نارسيس وأراتيوس وإسحاق - من عائلة كامساراكان الأرستقراطية، الذين قاتلوا بنجاح مع الرومان في عهد جاستن، إلى جانب روما. استسلم إسحاق لأسياده الجدد قلعة بولون الواقعة بالقرب من فيودوسيوبوليس على الحدود والتي كان يقود الحامية فيها.

في 8 سبتمبر 531، توفي شاه كافاد بسبب شلل الجانب الأيمن الذي أصابه قبل خمسة أيام من وفاته. كان عمره 82 سنة. وكان خليفته، على أساس الوصية التي وضعها، ابنه الأصغر خسروف أنوشيروان. أوقف كبار الشخصيات في الدولة بقيادة ميفود محاولة الابن الأكبر لكاوس لتولي العرش. وبعد فترة وجيزة بدأت المفاوضات مع روما لإبرام السلام. ومن الجانب الروماني شارك فيهم روفينوس والإسكندر وتوما. كانت المفاوضات صعبة، وتوقفت بسبب انقطاع الاتصالات، وتهديدات الفرس باستئناف الحرب، مصحوبة بتحرك القوات نحو الحدود، ولكن في النهاية، في عام 532، تم التوقيع على معاهدة "السلام الأبدي". وبموجبه ظلت الحدود بين القوتين دون تغيير إلى حد كبير، على الرغم من أن روما أعادت إلى الفرس قلاع فارانجيوم وفولوس التي كانت قد أخذت منهم، كما تعهد الجانب الروماني بنقل مقر قائد الجيش المتمركز في بلاد ما بين النهرين أبعد من الحدود - من درعا إلى قسنطينة. خلال المفاوضات مع روما، طرحت إيران، في وقت سابق وهذه المرة، طلبًا للدفاع المشترك عن الممرات والممرات عبر سلسلة جبال القوقاز الكبرى بالقرب من بحر قزوين لصد هجمات البرابرة الرحل. ولكن بما أن هذا الشرط كان غير مقبول بالنسبة للرومان: فإن وحدة عسكرية تقع على مسافة كبيرة من الحدود الرومانية ستكون هناك في وضع ضعيف للغاية وتعتمد بشكل كامل على الفرس، فقد تم طرح اقتراح بديل - دفع أموال لإيران تعويض تكاليفها على الدفاع عن التمريرات القوقازية. تم قبول هذا الاقتراح، وتعهد الجانب الروماني بدفع 110 سنتناري من الذهب لإيران - كان المئوي 100 رطل، وكان وزن الميزان حوالي ثلث كيلوغرام. وهكذا، تعهدت روما، تحت ستار التعويض المعقول عن نفقات احتياجات الدفاع المشترك، بدفع تعويض قدره حوالي 4 أطنان من الذهب. في ذلك الوقت، بعد الزيادة في الخزانة في أناستازيا، لم يكن هذا المبلغ مرهقا بشكل خاص لروما.

وكان موضوع المفاوضات أيضًا هو الوضع في لازيكا وإيفيريا. ظلت لازيكا تحت حماية روما، وإيفيريا - إيران، لكن هؤلاء الإيفرز، أو الجورجيين، الذين فروا من الفرس من بلادهم إلى لازيكا المجاورة، مُنحوا حق البقاء في لازيكا أو العودة إلى وطنهم بناءً على طلبهم.

وافق الإمبراطور جستنيان على صنع السلام مع الفرس لأنه كان في ذلك الوقت يضع خطة للقيام بعمليات عسكرية في الغرب - في أفريقيا وإيطاليا - من أجل استعادة سلامة الإمبراطورية الرومانية وحماية المسيحيين الأرثوذكس في الغرب. من التمييز الذي تعرضوا له على يد الأريوسيين الذين حكموهم. لكنه مُنع مؤقتًا من تنفيذ هذه الخطة بسبب التطورات الخطيرة في العاصمة نفسها.

نيكا تمرد

في يناير 532، اندلع تمرد في القسطنطينية، وكان المحرضون عليه أعضاء في فصائل السيرك، أو الخفت، والبراسين (الأخضر) وفينيتي (الأزرق). من بين حفلات السيرك الأربعة في زمن جستنيان، اختفى اثنان - ليفكي (أبيض) وروسي (أحمر) - ولم يتركوا أي آثار ملحوظة لوجودهم. "المعنى الأصلي لأسماء الأطراف الأربعة" بحسب أ.أ. فاسيلييف، غير واضح. تقول مصادر القرن السادس، أي عصر جستنيان، أن هذه الأسماء تتوافق مع العناصر الأربعة: الأرض (الأخضر)، الماء (الأزرق)، الهواء (الأبيض) والنار (الأحمر). ديماس، مماثلة لتلك الموجودة في العاصمة، والتي تحمل نفس أسماء ألوان ملابس سائقي وأطقم السيرك، كانت موجودة أيضًا في تلك المدن التي تم فيها الحفاظ على مضمار سباق الخيل. لكن الديما لم تكن مجرد مجتمعات من المشجعين: فقد تم منحهم مسؤوليات وحقوق بلدية، وكانوا بمثابة شكل من أشكال تنظيم الميليشيات المدنية في حالة حصار المدينة. كان لديماس هيكله الخاص، وخزانته الخاصة، وقادته: هؤلاء كانوا، وفقًا لـ F.I. أوسبنسكي ، "الديمقراطيون ، الذين كان هناك اثنان منهم - ديمقراطيو فينيتس وبراسين ؛ وكلاهما تم تعيينهما من قبل الملك من أعلى الرتب العسكرية برتبة بروتوسباثاريوس". بالإضافة إلىهم، كان هناك أيضا Dimarchs، الذي ترأس سابقا ديما ليفكي وروسي، الذي توفي بالفعل، لكنه احتفظ بذاكرة أنفسهم في تسميات الرتب. انطلاقًا من المصادر، تم استيعاب بقايا ديما لوسي بواسطة فينيتي، وروسييف بواسطة براسيني. لا يوجد وضوح تام فيما يتعلق ببنية الخافتات ومبادئ التقسيم إلى خافتات بسبب عدم كفاية المعلومات في المصادر. من المعروف فقط أن الدايمات، بقيادة الديمقراطيين والديماركيين، كانوا تابعين لمحافظ القسطنطينية أو أبرشيته. كان عدد Dims محدودًا: في نهاية القرن السادس، في عهد موريشيوس، كان هناك ألف ونصف براسين و 900 فينيت في العاصمة، لكن مؤيديهم الأكثر عددًا انضموا إلى الأعضاء الرسميين في Dims.

يعكس التقسيم إلى ديما، وكذلك الانتماء الحزبي الحديث، إلى حد ما وجود مجموعات اجتماعية وعرقية مختلفة وحتى وجهات نظر لاهوتية مختلفة، والتي كانت بمثابة المؤشر الأكثر أهمية للتوجه في روما الجديدة. من بين Veneti، ساد الأشخاص الأكثر ثراء - ملاك الأراضي والمسؤولين؛ اليونانيون الطبيعيون، diaphysites متسقة، في حين أن البراسينز الخافت يتحدون بشكل رئيسي التجار والحرفيين، كان هناك الكثير من الناس من سوريا ومصر، وكان وجود monophysites ملحوظًا أيضًا بين البراسينين.

كان الإمبراطور جستنيان وزوجته ثيودورا من أنصار Veneti، أو إذا أردت، معجبين بها. إن توصيف ثيودورا كمؤيد للبراسين الموجود في الأدب يستند إلى سوء فهم: من ناحية، على حقيقة أن والدها كان ذات يوم في خدمة البراسينز (ولكن بعد وفاته، البراسينز، كما ذكرنا أعلاه) ، لم يعتني بأرملته وأيتامه، بينما أظهر فينيتي كرمًا تجاه الأسرة الأيتام، وأصبحت ثيودورا من "المعجبين" المتحمسين لهذا الفصيل)، ومن ناحية أخرى، على حقيقة أنها لم تكن قدمت Monophysite رعاية Monophysites في الوقت الذي كان فيه الإمبراطور نفسه يبحث عن طريقة للتوفيق بينهم وبين Diaphysites، وفي الوقت نفسه، في عاصمة الإمبراطورية، تركزت Monophysites حول Dima Prasins.

لم يتم الاعتراف بها كأحزاب سياسية، تؤدي، وفقًا لمكانتها في التسلسل الهرمي للمؤسسات الرأسمالية، وظيفة تمثيلية، ولا تزال الديماس تعكس الحالة المزاجية لمختلف دوائر سكان الحضر، بما في ذلك رغباتهم السياسية. حتى في أوقات عهد الزعامة ثم الدومينات، أصبح ميدان سباق الخيل مركزًا للحياة السياسية. بعد التزكية للإمبراطور الجديد في المعسكر العسكري، بعد مباركة الكنيسة على الحكم، بعد موافقة مجلس الشيوخ عليه، ظهر الإمبراطور في ميدان سباق الخيل، واحتل صندوقه هناك، والذي كان يسمى كاتيسما، والشعب - المواطنون روما الجديدة - مع صرخاتهم الترحيبية، قاموا بعمل مهم من الناحية القانونية المتمثل في انتخابه إمبراطورًا، أو، أقرب إلى الوضع الحقيقي، الاعتراف بشرعية الانتخابات المكتملة مسبقًا.

من وجهة نظر سياسية حقيقية، كانت مشاركة الشعب في انتخاب الإمبراطور ذات طبيعة رسمية واحتفالية حصريًا، لكن تقاليد الجمهورية الرومانية القديمة، تمزقت في أوقات جراتشي وماريوس وسولا، والثلاثي من خلال صراع الأحزاب، شقوا طريقهم في التنافس بين فصائل السيرك، والذي تجاوز حدود الإثارة الرياضية. كما كتب ف أوسبنسكي، "كان ميدان سباق الخيل هو الساحة الوحيدة، في غياب المطبعة، للتعبير بصوت عال عن الرأي العام، والذي كان في بعض الأحيان ملزما للحكومة. هنا نوقشت الشؤون العامة، وهنا أعرب سكان القسطنطينية إلى حد ما عن مشاركتهم في الشؤون السياسية؛ في حين أن المؤسسات السياسية القديمة التي عبر الناس من خلالها عن حقوقهم السيادية بدأت تتدهور تدريجيًا، ولم تعد قادرة على التوافق مع المبادئ الملكية للأباطرة الرومان، استمر ميدان سباق الخيل في المدينة في البقاء ساحة حيث يمكن التعبير عن الرأي الحر مع الإفلات من العقاب... لقد أعرب الناس الذين تم تسييسهم في ميدان سباق الخيل عن انتقادهم لكل من القيصر والوزراء، وسخروا أحيانًا من السياسة غير الناجحة. لكن ميدان سباق الخيل بدايماته لم يكن بمثابة مكان يمكن للجماهير فيه انتقاد تصرفات السلطات مع الإفلات من العقاب فحسب، بل كان يستخدم أيضًا من قبل المجموعات أو العشائر المحيطة بالأباطرة، وحاملي السلطات الحكومية في مؤامراتهم، وكان بمثابة أداة للمساومة على المنافسين من العشائر المعادية. مجتمعة، حولت هذه الظروف الديماس إلى سلاح محفوف بالمخاطر، محفوف بالتمرد.

وقد تفاقم الخطر بسبب الأخلاق الإجرامية الجريئة للغاية التي سادت بين المتسابقين الذين شكلوا جوهر الخفت - مثل المشجعين المتحمسين الذين لم يفوتوا السباقات والعروض الأخرى في ميدان سباق الخيل. كتب بروكوبيوس في "التاريخ السري" عن أخلاقهم ، مع مبالغات محتملة ، ولكنهم ما زالوا غير متخيلين ، ولكنهم يعتمدون على الوضع الحقيقي: كان ستايسيوت فينيتي "يحملون الأسلحة علنًا في الليل ، لكنهم أخفوا أسلحة صغيرة أثناء النهار" خناجر ذات حدين على الوركين. بمجرد حلول الظلام، شكلوا عصابات وسرقوا أولئك الذين (يبدو) لائقين في جميع أنحاء أغورا وفي الشوارع الضيقة... أثناء السرقة، اعتبروا أنه من الضروري قتل البعض حتى لا يخبروا أحداً عنهم. ماذا حدث لهم . لقد عانى الجميع منها، ومن بين الأوائل كان هؤلاء الفينيتيون الذين لم يكونوا من المستقرين. كانت ملابسهم الأنيقة والمتقنة ملونة للغاية: لقد قاموا بقص ملابسهم بـ "حواف جميلة... تم سحب جزء الكيتون الذي يغطي الذراع معًا بإحكام بالقرب من اليد، ومن هناك توسع إلى أحجام لا تصدق على طول الطريق إلى الكتف. كلما كانوا في المسرح أو في ميدان سباق الخيل، يهتفون أو يهتفون (سائقو العربات)... ويلوحون بأذرعهم، وهذا الجزء (من الكيتون) يتضخم بشكل طبيعي، مما يعطي الحمقى الانطباع بأن لديهم مثل هذا الجسم الجميل والقوي الذي كان عليهم أن يلبسوه ثيابًا مماثلة... كانت عباءاتهم وسراويلهم الواسعة، وخاصة أحذيتهم، من نوع الهون في الاسم والمظهر.» إن Stasiots من Prasins، الذين تنافسوا مع Veneti، إما انضموا إلى عصابات العدو، "تطغى عليهم الرغبة في المشاركة في الجرائم مع الإفلات التام من العقاب، بينما فر الآخرون ولجأوا إلى أماكن أخرى. كثيرون، الذين تم الاستيلاء عليهم هناك أيضًا، ماتوا إما على أيدي العدو، أو بعد اضطهادهم من قبل السلطات... بدأ العديد من الشباب الآخرين يتوافدون على هذا المجتمع... لقد دفعتهم إلى ذلك فرصة إظهار القوة والشجاعة. الجرأة... كثيرون، بعد أن أغروهم بالمال، أشاروا إلى الستايسيوت بأعداءهم، فدمروهم على الفور. إن كلمات بروكوبيوس القائلة بأنه "لم يكن لدى أحد أدنى أمل في البقاء على قيد الحياة في ظل هذا الوجود غير الموثوق به" هي بالطبع مجرد شخصية بلاغية، ولكن كان هناك جو من الخطر والقلق والخوف في المدينة.

تم تهدئة التوتر المدوي بسبب أعمال شغب - محاولة للإطاحة بجستنيان. وكانت لدى المتمردين دوافع مختلفة للمخاطرة. كان أتباع أبناء إخوة الإمبراطور أناستاسيوس يتربصون في دوائر القصر والحكومة، على الرغم من أنهم هم أنفسهم لا يبدو أنهم يطمحون إلى السلطة العليا. كان هؤلاء بشكل رئيسي من كبار الشخصيات الذين التزموا باللاهوت المونوفيزي، الذي كان أناستاسيوس من أتباعه. تراكم عدم الرضا عن السياسة الضريبية للحكومة بين الناس، وكان يُنظر إلى الجناة الرئيسيين على أنهم أقرب مساعدي الإمبراطور، المحافظ البريتوري جون كابادوكيا والقويستور تريبونيانوس. واتهمتهم الشائعات بالابتزاز والرشاوى والابتزاز. استاءت عائلة براسين من تفضيل جستنيان العلني لعائلة فينيتي، وكان ستاسيوت من عائلة فينيتي غير راضين عن الحكومة، على الرغم مما كتبه بروكوبيوس عن التغاضي عن أعمال اللصوصية، إلا أنها ما زالت تتخذ إجراءات الشرطة ضد التجاوزات الإجرامية الواضحة التي ارتكبوها. أخيرًا، في القسطنطينية، كان لا يزال هناك وثنيون، ويهود، وسامريون، بالإضافة إلى الزنادقة، الأريوسيين، والمقدونيين، والمونتانيين، وحتى المانويين، الذين رأوا بحق تهديدًا لوجود مجتمعاتهم في سياسة جستنيان الدينية، التي تهدف إلى دعم الأرثوذكسية بالكامل. قوة القانون والقوة الحقيقية. لذلك تراكمت المواد القابلة للاشتعال بدرجة عالية من التركيز في العاصمة، وكان ميدان سباق الخيل بمثابة مركز الانفجار. من السهل على الناس في عصرنا، المفتونين بالعواطف الرياضية، عما كان عليه الحال في القرون السابقة، أن يتخيلوا مدى سهولة أن تؤدي إثارة المشجعين، المشحونة في الوقت نفسه بالميول السياسية، إلى اضطرابات تشكل تهديدًا بالانتفاضة والانتفاضة. الانقلاب، خاصة عندما يتم التلاعب بالحشد بمهارة.

كانت بداية التمرد هي الأحداث التي وقعت في ميدان سباق الخيل في 11 يناير 532. في الفترة الفاصلة بين الأجناس ، يبدو أن أحد البراسينات ، الذي تم إعداده مسبقًا للأداء ، توجه نيابة عن إلهه إلى الإمبراطور الذي كان حاضرًا في السباقات بشكوى بشأن سبافاريوس حجرة النوم المقدسة في كالوبوديوم: "سنوات عديدة جستنيان - أوغسطس، انتصر! "إننا نهان، الصالح الوحيد، ولا نستطيع أن نحتمل أكثر، الله شاهد علينا!" . وقال ممثل الإمبراطور ردا على الاتهام: "كالوبوديا لا تتدخل في شؤون الحكومة... أنت تأتي إلى المسرح فقط لإهانة الحكومة". وأصبح الحوار أكثر توتراً: "مهما يكن من يسيء إلينا فهو مع يهوذا". - "اصمتوا أيها اليهود والمانويون والسامريون!" - "هل تشتموننا كيهود وسامريين؟ يا والدة الإله، كوني معنا جميعاً!.." - "أنا لا أمزح: إذا لم تهدأي، سأأمر الجميع بقطع رؤوسهم" - "أمرهم بالقتل! ربما يعاقبنا! الدم جاهز بالفعل للتدفق في الجداول... سيكون من الأفضل لسافاتي ألا يولد بدلاً من أن يكون له ابن كقاتل... (كان هذا بالفعل هجومًا متمردًا علنيًا.) لذلك في الصباح، خارج المدينة ، في عهد زيوغموس، حدثت جريمة قتل، وأنت يا سيدي نظرت إليها على الأقل! لقد وقعت جريمة قتل في المساء." ورد ممثل الفصيل الأزرق: “قتلة هذه المرحلة كلها لكم فقط.. تقتلون وتتمردون. لديك فقط قتلة المسرح. وتوجه ممثل الخضر مباشرة إلى الإمبراطور: "من قتل ابن إيباجاثوس المستبد؟" - "وأنت قتلته واللوم على المثليين" - "يا رب ارحم! الحقيقة تنتهك. لذلك، يمكن القول بأن العالم لا تحكمه العناية الإلهية. من أين يأتي هذا الشر؟ - "أيها الكافرون، المجاهدون لله، متى تصمتون؟" - "إذا كان ذلك يرضي قوتك، فسوف أظل صامتًا حتمًا، يا عزيزي؛ أعرف كل شيء، أعرف كل شيء، لكني صامت. وداعا العدالة! أنت بالفعل عاجز عن الكلام. سأنتقل إلى معسكر آخر وأصبح يهوديًا. الله أعلم! من الأفضل أن تصبح يونانيًا بدلاً من العيش مع مثليين جنسيًا”. بعد أن تحدوا الحكومة والإمبراطور، غادر الخُضر ميدان سباق الخيل.

كانت المشاجرة المهينة مع الإمبراطور في ميدان سباق الخيل بمثابة مقدمة للتمرد. أمر أبرشية العاصمة إيوديمون بالقبض على ستة أشخاص يشتبه في ارتكابهم جرائم قتل من الدايمتين - الأخضر والأزرق. وتم إجراء تحقيق وتبين أن سبعة منهم مذنبون بالفعل بهذه الجريمة. أصدر إيوديمون حكمًا: يجب قطع رؤوس أربعة مجرمين وصلب ثلاثة. ولكن بعد ذلك حدث شيء لا يصدق. وبحسب قصة جون مالالا، «عندما بدأوا في تعليقهما، انهارت الأعمدة وسقط اثنان (محكوم عليهما)؛ أحدهما كان "أزرق" والآخر "أخضر". وتجمع حشد من الناس في مكان الإعدام، وجاء رهبان دير القديس كونون وأخذوا معهم المجرمين المنكسرين المحكوم عليهم بالإعدام. فنقلوهم عبر المضيق إلى الساحل الآسيوي وآواهم إلى كنيسة الشهيد لورنس التي كان لها حق اللجوء. لكن والي العاصمة إيوديمون أرسل مفرزة عسكرية إلى المعبد لمنعهم من مغادرة المعبد والاختباء. كان الناس غاضبين من تصرفات المحافظ، لأنه في حقيقة أن الرجال المشنوقين تحرروا ونجوا، فقد رأوا العمل المعجزة للعناية الإلهية. وتوجه حشد من الناس إلى منزل الوالي وطلبوا منه إخراج الحراس من معبد القديس لورنس، لكنه رفض تلبية هذا الطلب. وتزايد الاستياء من تصرفات السلطات بين الحشد. واستغل المتآمرون تذمر الناس وسخطهم. اتفق أقطاب فينيتي وبراسين على تمرد تضامني ضد الحكومة. كلمة مرور المتآمرين كانت كلمة "نيكا!" ("الفوز!") - صرخة المتفرجين في ميدان سباق الخيل، والتي شجعوا بها السائقين المتنافسين. لقد دخلت الانتفاضة في التاريخ تحت اسم هذه الصرخة المنتصرة.

في 13 يناير، أقيمت مسابقات الفروسية المخصصة لـ Ides لشهر يناير مرة أخرى في ميدان سباق الخيل بالعاصمة؛ جلس جستنيان على الكاتيسما الإمبراطورية. في الفترات الفاصلة بين الأجناس، طلب Veneti و Prasins بالإجماع من الإمبراطور الرحمة، ومغفرة المحكوم عليهم بالإعدام وتم إطلاق سراحهم بأعجوبة من الموت. وكما كتب جون مالالا: "لقد استمروا في الصراخ حتى السباق الثاني والعشرين، لكنهم لم يتلقوا أي إجابة. ثم ألهمهم الشيطان بنية سيئة، وبدأوا في مدح بعضهم البعض: "سنوات عديدة لبراسينز وفينيتس الرحيمين!" بعد ذلك، بعد مغادرة ميدان سباق الخيل، هرع المتآمرون، مع الحشد الذي انضم إليهم، إلى مقر إقامة محافظ المدينة، وطالبوا بالإفراج عن المحكوم عليهم بالإعدام، وبعد عدم تلقي استجابة إيجابية، أشعلوا النار في المحافظة . وأعقب ذلك حريق متعمد جديد، رافقه مقتل الجنود وكل من حاول التصدي للتمرد. وفقًا لجون مالالا، «احترقت البوابة النحاسية المؤدية إلى المدرسة نفسها، والكنيسة الكبرى، والرواق العام؛ واصل الناس أعمال الشغب." قدم ثيوفانيس المعترف قائمة أكثر اكتمالاً للمباني التي دمرتها النيران: "أحرقت الأروقة من كامارا نفسها في الميدان إلى هالكا (الدرج) ومحلات الفضة وجميع مباني لاف ... دخلوا المنازل وسرقوا" الممتلكات، أحرقوا رواق القصر... مقر الحراس الشخصيين الملكيين والجزء التاسع من أوغستيوم... لقد أحرقوا حمامات ألكسندروف ودار العجزة الكبيرة في سامبسون بكل مرضاه." وسمعت صيحات من الحشد تطالب بتنصيب "ملك آخر".

ولم يتم إلغاء منافسات الفروسية المقررة في اليوم التالي 14 يناير. ولكن عندما "تم رفع العلم حسب العادة" في ميدان سباق الخيل، بدأ المتمردون براسين وفينيتي، وهم يهتفون "نيكا!"، في إشعال النار في مناطق المتفرجين. لم تتمكن مفرزة هيرولي تحت قيادة موندوس، الذي أمره جستنيان بتهدئة أعمال الشغب، من التعامل مع المتمردين. وكان الإمبراطور على استعداد لتقديم تنازلات. بعد أن علم أن ديماس المتمرد كان يطالب باستقالة كبار الشخصيات جون كابادوكيان وتريبونيان وإوديمون، الذين كانوا يكرهونهم بشكل خاص، استجاب لهذا الطلب وأرسل الثلاثة إلى التقاعد. لكن هذه الاستقالة لم ترضي المتمردين. واستمرت عمليات الحرق والقتل والنهب لعدة أيام، وغطت جزءًا كبيرًا من المدينة. من المؤكد أن خطة المتآمرين كانت تتجه نحو عزل جستنيان وإعلان أحد أبناء أخ أناستاسيوس - هيباتيوس أو بومبي أو بروبس - إمبراطورًا. لتسريع تطور الأحداث في هذا الاتجاه، نشر المتآمرون شائعة كاذبة بين الناس مفادها أن جستنيان وفيودورا فرا من العاصمة إلى تراقيا. ثم اندفع الحشد إلى منزل بروبوس الذي تركه مقدمًا واختفى لعدم رغبته في التورط في أعمال الشغب. وفي غضب أحرق المتمردون منزله. كما أنهم لم يجدوا هيباتيوس وبومبي، لأنهما كانا في ذلك الوقت في القصر الإمبراطوري وهناك أكدوا لجستنيان إخلاصهم له، لكنهم لم يثقوا بأولئك الذين كان المحرضون على التمرد سيعهدون إليهم بالسلطة العليا، خوفًا من أن يؤدي وجودهم في القصر إلى دفع الحراس الشخصيين المترددين إلى الخيانة، طالب جستنيان الأخوين بمغادرة القصر والذهاب إلى منزلهما.

وفي يوم الأحد 17 يناير، قام الإمبراطور بمحاولة أخرى لقمع التمرد من خلال المصالحة. ظهر في ميدان سباق الخيل، حيث تجمع الحشد المتورط في التمرد، حاملاً الإنجيل بين يديه ووعد بقسمه بإطلاق سراح المجرمين الذين فروا من الشنق، وكذلك منح العفو لجميع المشاركين في التمرد. التمرد إذا أوقفوا التمرد. في الحشد، صدق البعض جستنيان ورحبوا به، في حين أن آخرين - وكانوا بوضوح الأغلبية بين المجتمعين - أهانوه بصرخاتهم وطالبوا بتنصيب ابن أخيه أنستاسيوس هيباتيوس إمبراطورًا. عاد جستنيان، محاطًا بالحراس الشخصيين، من ميدان سباق الخيل إلى القصر، وهرع الحشد المتمرد، بعد أن علم أن هيباتيوس في المنزل، إلى هناك لإعلانه إمبراطورًا. كان هو نفسه يخشى المصير الذي ينتظره، لكن المتمردين، الذين تصرفوا بحزم، أخذوه إلى منتدى قسنطينة ليقوم بالتزكية الرسمية. أما زوجته ماريا، بحسب بروكوبيوس، "وهي امرأة عاقلة ومعروفة بالحكمة، فقد منعت زوجها ولم تسمح له بالدخول، وهي تئن بصوت عالٍ وتصرخ لجميع أحبائها بأن الديما تقوده إلى الموت"، ولكن لم تكن قادرة على منع الإجراء المخطط له. تم إحضار هيباتيوس إلى المنتدى وهناك، في حالة عدم وجود إكليل، تم وضع سلسلة ذهبية على رأسه. وأكد مجلس الشيوخ، الذي اجتمع بشكل عاجل، انتخاب هيباتيوس إمبراطورًا. من غير المعروف عدد أعضاء مجلس الشيوخ الذين تجنبوا المشاركة في هذا الاجتماع، وأي من أعضاء مجلس الشيوخ الحاضرين تصرف بدافع الخوف، معتبرين أن موقف جستنيان ميؤوس منه، لكن من الواضح أن خصومه الواعين، ربما بشكل رئيسي من بين أتباع المونوفيزيتية، كانوا حاضرين في مجلس الشيوخ في وقت سابق، قبل التمرد. اقترح السيناتور أوريجانوس الاستعداد لحرب طويلة مع جستنيان، إلا أن الأغلبية تحدثت لصالح الهجوم الفوري على القصر الإمبراطوري. أيدت هيباتيوس هذا الاقتراح، وتحركت الجماهير نحو ميدان سباق الخيل المجاور للقصر، من أجل شن هجوم على القصر من هناك.

وفي الوقت نفسه، كان هناك لقاء بين جستنيان وأقرب مساعديه الذين ظلوا مخلصين له. وكان من بينهم بيليساريوس ونارسيس وموند. وكانت القديسة ثيودورا حاضرة أيضًا. اتسم الوضع الحالي من قبل جستنيان نفسه ومستشاريه بضوء قاتم للغاية. كان الاعتماد على ولاء جنود حامية العاصمة الذين لم ينضموا بعد إلى المتمردين، حتى في قصر المدرسة، أمرًا محفوفًا بالمخاطر. تمت مناقشة خطة إخلاء الإمبراطور من القسطنطينية بجدية. ثم أخذت ثيودورا الكلمة: "في رأيي، الهروب، حتى لو جلب الخلاص، وربما سيجلبه الآن، لا يستحق ذلك. من المستحيل ألا يموت الشخص الذي ولد، ولكن بالنسبة لمن حكم ذات مرة، فإن كونه هاربًا أمر لا يطاق. أتمنى ألا أفقد هذا اللون الأرجواني، أتمنى ألا أعيش لأرى اليوم الذي لا يدعوني فيه أولئك الذين أقابلهم بالعشيقة! إذا كنت تريد إنقاذ نفسك بالطيران يا باسيليوس، فالأمر ليس صعبًا. لدينا أموال كثيرة والبحر قريب ويوجد سفن. لكن انتبهوا، أنتم الذين نلتم الخلاص، ليس عليكم أن تختاروا الموت على الخلاص. تعجبني المقولة القديمة التي تقول إن السلطة الملكية هي كفن جميل. هذه هي أشهر أقوال القديسة ثيودورا، كما يجب على المرء أن يفترض - وقد تم إعادة إنتاجها بشكل أصلي من قبل كارهها ومتملقها بروكوبيوس، وهو رجل يتمتع بذكاء غير عادي، كان قادرًا على تقدير الطاقة التي لا تقاوم والتعبير عن هذه الكلمات التي تميزها هي نفسها: عقلها وموهبة الكلمات المذهلة التي تألقت بها ذات يوم على المسرح، وشجاعتها وتحكمها في نفسها، وشغفها وكبريائها، وإرادتها الفولاذية، التي خففتها التجارب اليومية التي تحملتها بوفرة في الماضي - منذ الشباب المبكر حتى الزواج. مما رفعها إلى ارتفاع غير مسبوق، لم تكن ترغب في السقوط منه، حتى لو كانت حياتها وحياة زوجها الإمبراطور على المحك. توضح كلمات ثيودورا هذه بشكل رائع الدور الذي لعبته في الدائرة الداخلية لجستنيان ومدى تأثيرها على السياسة العامة.

كان بيان ثيودورا بمثابة نقطة تحول في التمرد. "كلماتها"، كما أشار بروكوبيوس، "ألهمت الجميع، وبعد أن استعادوا شجاعتهم المفقودة، بدأوا في مناقشة كيفية الدفاع عن أنفسهم ... الجنود، سواء أولئك الذين تم تكليفهم بحراسة القصر أو أي شخص آخر، فعلوا ذلك". لم يُظهِر الولاء للباسيليوس، لكنه أيضًا لم يرغب في المشاركة بشكل صريح في الأمر، في انتظار معرفة ما ستكون عليه نتيجة الأحداث. وتقرر في الاجتماع البدء فوراً في قمع التمرد.

لعبت المفرزة التي جلبها بيليساريوس من الحدود الشرقية دورًا رئيسيًا في استعادة النظام. جنبا إلى جنب معه، تصرف المرتزقة الألمان تحت قيادة قائدهم موندا، الاستراتيجي المعين من إليريكوم. ولكن قبل أن يهاجموا المتمردين، دخل قصر القصر نارسيس في مفاوضات مع فينيتي المتمردة، التي كانت تعتبر موثوقة في السابق، لأن جستنيان نفسه وزوجته ثيودورا كانا على جانب إلههما الأزرق. وبحسب جون مالالا، فإنه «غادر (القصر) سراً وقام برشوة بعض (أعضاء) حزب فينيتي من خلال توزيع الأموال عليهم. وبدأ بعض المتمردين من الحشد بإعلان ملك جستنيان في المدينة؛ لقد انقسم الناس وخرجوا ضد بعضهم البعض". على أية حال، انخفض عدد المتمردين نتيجة هذا الانقسام، لكنه ظل كبيرا وأثار مخاوف أكثر إثارة للقلق. واقتناعا منه بعدم موثوقية حامية العاصمة، فقد بيليساريوس قلبه، وعندما عاد إلى القصر، بدأ يؤكد للإمبراطور أن "قضيتهم قد ضاعت"، ولكن تحت تأثير الكلمات التي تحدثت بها ثيودورا في المجلس، أصبح جستنيان الآن عازمة على التصرف بالطريقة الأكثر نشاطا. وأمر بيليساريوس بقيادة انفصاله إلى ميدان سباق الخيل، حيث تتركز القوى الرئيسية للمتمردين. هيباتيوس، الذي أُعلن إمبراطورًا، كان هناك أيضًا، جالسًا على الكاتيسما الإمبراطورية.

شقت مفرزة بيليساريوس طريقها إلى ميدان سباق الخيل عبر الآثار المتفحمة. بعد أن وصل إلى رواق فينيتي، أراد مهاجمة هيباتيوس على الفور والقبض عليه، لكن تم فصلهما بباب مغلق، كان يحرسه من الداخل حراس هيباتيوس الشخصيون، وكان بيليساريوس يخشى ذلك "عندما يجد نفسه في موقف صعب" في هذا المكان الضيق، يهاجم الناس الكتيبة وبسبب قلة عدده سيقتل جميع محاربيه. ولذلك اختار اتجاها مختلفا للهجوم. وأمر الجنود بمهاجمة الحشد غير المنظم المكون من الآلاف المتجمعين في ميدان سباق الخيل، ففاجأهم بهذا الهجوم، و"الشعب... رأوا محاربين يرتدون الدروع، مشهورين بشجاعتهم وخبرتهم في المعركة، يضربون بالسيوف دون قتال". أي رحمة تحولت إلى فرار." ولكن لم يكن هناك مكان للفرار، لأنه من خلال بوابة أخرى من ميدان سباق الخيل، والتي كانت تسمى الموتى (نيكرا)، اقتحم الألمان تحت قيادة موندا إلى ميدان سباق الخيل. بدأت مذبحة سقط فيها أكثر من 30 ألف شخص ضحايا. تم القبض على هيباتيوس وشقيقه بومبي ونقلهما إلى قصر جستنيان. وفي دفاعه، قال بومبي إن "الشعب أجبرهم على عدم رغبتهم في قبول السلطة، ثم ذهبوا إلى ميدان سباق الخيل، وليس لديهم أي نية شريرة ضد باسيليوس" - وهو ما كان مجرد نصف الحقيقة، لأنه من نقطة معينة توقفوا عن مقاومة إرادة المتمردين . لم يرغب Ipaty في تبرير نفسه للفائز. وفي اليوم التالي قُتلا على يد الجنود وألقيت جثتيهما في البحر. تمت مصادرة جميع ممتلكات هيباتيوس وبومبي، وكذلك أعضاء مجلس الشيوخ الذين شاركوا في التمرد، لصالح فيسكوس. لكن في وقت لاحق، من أجل إحلال السلام والوئام في الدولة، أعاد جستنيان الممتلكات المصادرة إلى أصحابها السابقين، دون حرمان حتى أطفال هيباتيوس وبومبي - هؤلاء أبناء أخي أناستاسيوس سيئ الحظ. لكن من ناحية أخرى، قام جستنيان، بعد وقت قصير من قمع التمرد، الذي سفك الكثير من الدماء، ولكن أقل مما كان يمكن أن يُسفك لو نجح خصومه، والذي كان من شأنه أن يغرق الإمبراطورية في حرب أهلية، بإلغاء الأوامر التي أصدرها. تم تقديمه كامتياز للمتمردين: أعيد أقرب مساعدي الإمبراطور تريبونيان وجون إلى منصبيهما السابقين.

(يتبع.)

وتسبب مثل هذا الزواج في احتجاج الإمبراطورة أوفيميا. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت ثيودورا ميلًا واضحًا نحو المونوفيزيتية. ومع ذلك، لم يتراجع جستنيان. بعد وفاة أوفيميا في العام أو نحو ذلك، لم يعارض الإمبراطور جوستين ابنه بالتبني. وأصدر مرسوماً بالزواج يسمح، على وجه الخصوص، للممثلة التائبة التي تخلت عن مهنتها السابقة بالدخول في زواج قانوني حتى مع الأشخاص ذوي المولد العالي. وهكذا تم حفل الزفاف.

منذ بداية عهد جستنيان، بدأت تراقيا تتعرض لغارات مدمرة بشكل متزايد من قبل "الهون" - البلغار و"السكيثيين" - السلاف. في العام، نجح القائد موند في صد هجوم البلغار في تراقيا.

منذ عهد يوستينوس، ورث جستنيان سياسة اضطهاد الأديرة ورجال الدين المونوفيزيين في شمال سوريا. ومع ذلك، لم يكن هناك اضطهاد واسع النطاق للمونوفيزيتية في الإمبراطورية - كان عدد أتباعها كبيرا جدا. كانت مصر، معقل المونوفيزيتيين، معرضة باستمرار لخطر تعطيل إمدادات الحبوب إلى العاصمة، ولهذا السبب أمر جستنيان ببناء قلعة خاصة في مصر لحراسة الحبوب المجمعة في مخزن حبوب الدولة. بالفعل في أوائل ثلاثينيات القرن الخامس عشر، استخدمت الإمبراطورة ثيودورا نفوذها على زوجها لبدء المفاوضات ومحاولات التوفيق بين موقف المونوفيزيين والأرثوذكس. في العام، وصل وفد من Monophysites إلى القسطنطينية وأقامه الزوجان الملكيان في قصر هرمزدا. منذ ذلك الحين، تحت رعاية ثيودورا وبموافقة ضمنية من جستنيان، كان هناك ملجأ للمونوفيسيتيين.

ثورة نيكا

إلا أن هذه الاتفاقية كانت في الواقع انتصارًا للمونوفيزيتيين، وقد أقنع القديس البابا أغابيط، الذي أرسله ملك القوط الشرقيين ثيوداهاد إلى القسطنطينية كسفير سياسي، جستنيان بالابتعاد عن السلام الزائف مع المونوفيزيتية والوقوف إلى جانب القرارات الخلقيدونية. وقد ارتقى القديس مينا الأرثوذكسي إلى مقام أنثيموس النازح. صاغ جستنيان اعترافًا بالإيمان، والذي اعترف به القديس أغابيت على أنه أرثوذكسي تمامًا. في نفس الوقت تقريبًا، قام الإمبراطور بتجميع كتاب الصلاة الأرثوذكسية "الابن الوحيد وكلمة الله"، والذي تم تضمينه في طقوس القداس الإلهي. في 2 مايو من العام، افتتح كاتدرائية في القسطنطينية بحضور الإمبراطور للمحاكمة النهائية لقضية أنثيما. خلال المجمع، تمت إدانة عدد من زعماء المونوفيزيين، ومن بينهم أنثيموس وسيفير.

ومع ذلك، في الوقت نفسه، أقنعت ثيودورا الإمبراطور بالموافقة على تعيين وريثًا للمتوفى البابا أغابيط، الذي أبدى استعدادًا للتسوية، الشماس فيجيليوس. تم ترقيته إلى العرش البابوي بإرادة إمبراطورية في 29 مارس من العام، على الرغم من حقيقة أن سيلفيريوس قد تم انتخابه بالفعل لمنصب الكرسي الرئيسي في روما في ذلك العام. بالنظر إلى روما مدينته وهو نفسه أعلى سلطة، اعترف جستنيان بسهولة بأولوية الباباوات على بطاركة القسطنطينية، كما قام بتعيين الباباوات بسهولة وفقًا لتقديره الخاص.

مشاكل 540 وعواقبها

في الإدارة الداخلية، التزم جستنيان بنفس الخط، لكنه دفع اهتماما أقل بكثير لمحاولات الإصلاحات التشريعية - بعد وفاة المحامي تريبونيان في العام، أصدر الإمبراطور 18 وثيقة فقط. في العام، ألغى جستنيان القنصلية في القسطنطينية، وأعلن نفسه قنصلًا مدى الحياة، وفي الوقت نفسه أوقف الألعاب القنصلية باهظة الثمن. لم يتخل الملك عن مشاريع البناء الخاصة به - لذلك تم الانتهاء في العام من بناء "الكنيسة الجديدة" الضخمة باسم السيدة العذراء مريم على أنقاض معبد القدس.

المناقشات اللاهوتية في 540 و 550s

منذ أوائل أربعينيات القرن الخامس عشر، بدأ جستنيان في التعمق في مسائل اللاهوت. إن الرغبة في التغلب على المونوفيزيتية وإنهاء الخلاف في الكنيسة لم تتركه. في هذه الأثناء، واصلت الإمبراطورة ثيودورا رعاية المونوفيزيين وفي العام، بناءً على طلب الشيخ العربي الغساني الحارث، ساهمت في إنشاء التسلسل الهرمي للمونوفيزيت من خلال تنصيب الأسقف المونوفيزيتي المتنقل، جيمس برادعي. حاول جستنيان في البداية القبض عليه، لكن هذا فشل، واضطر الإمبراطور بعد ذلك إلى التصالح مع أنشطة البرادعي على مشارف الإمبراطورية. على الرغم من أن الإمبراطورة ثيودورا توفيت في العام الذي تصالحت فيه مع الكنيسة الأرثوذكسية، إلا أن هناك نسخة ورثت بموجبها الإمبراطور عدم اضطهاد المونوفيزيين البارزين، الذين كانوا يختبئون طوال هذا الوقت في قصر هرمزدا ​​في القسطنطينية. بطريقة أو بأخرى، لم يكثف الإمبراطور الأرثوذكسي اضطهاد المونوفيزيتيين، بل حاول جمع المؤمنين في كنيسة واحدة، بإدانة التعاليم الكاذبة الأخرى.

في بداية أربعينيات القرن السادس تقريبًا، أثار الإمبراطور إمكانية إدانة أوريجانوس رسميًا. وبعد أن اتهمه بعشر بدع في رسالة إلى القديس ميناس، في العام الذي عقد فيه الإمبراطور مجمعًا في العاصمة أدان أوريجانوس وتعليمه.

وفي الوقت نفسه اقترح المستشار اللاهوتي الإمبراطوري ثيودور أسكيداس إدانة بعض كتابات الطوباوي ثيودورت قورش، وصفصاف الرها، وثيودور الموبسويت، التي عبرت عن أخطاء نسطورية. على الرغم من أن المؤلفين أنفسهم، المتوفين منذ فترة طويلة، كانوا محترمون في الكنيسة، إلا أن الإدانة المجمعية لآرائهم الخاطئة كانت ستحرم المونوفيزيين من فرصة الافتراء على الأرثوذكس من خلال اتهامهم بالنسطورية. في العام أصدر جستنيان مرسوما ضد ما يسمى. "ثلاثة فصول" - أعمال غير أرثوذكسية للمعلمين الثلاثة المذكورين أعلاه. ومع ذلك، بدلاً من التوفيق بين المونوفيزيتيين والكنيسة، تسبب هذا في احتجاج في الغرب، حيث اعتبرت إدانة "الفصول الثلاثة" بمثابة هجوم على الأرثوذكسية. وقع بطريرك القسطنطينية القديس مينا على المرسوم الإمبراطوري، لكن البابا فيجيليوس لم يوافق لفترة طويلة، بل وذهب إلى حد قطع الشركة مع كنيسة القسطنطينية.

قاتلت الإمبراطورية لفترة طويلة ضد القوات المتمردة في أفريقيا، التي كانت تأمل في إعادة توزيع الأراضي التي تم فتحها حديثًا فيما بينها. فقط في العام كان من الممكن قمع التمرد بنجاح، وبعد ذلك أصبحت شمال أفريقيا بحزم جزءا من الإمبراطورية.

في نهاية أربعينيات القرن السادس، بدت إيطاليا ضائعة، لكن طلبات البابا فيجيليوس وغيره من اللاجئين الرومان النبلاء في القسطنطينية أقنعت جستنيان بعدم الاستسلام وقرر مرة أخرى إرسال رحلة استكشافية إلى هناك في العام. انتقلت القوات العديدة المتجمعة للحملة أولاً إلى تراقيا، حيث غادر السلاف الهائجون بفضل هذا. ثم، في ذلك العام، وصلت أخيرًا قوة كبيرة من الرومان إلى إيطاليا تحت قيادة نارسيس وهزمت القوط الشرقيين. وسرعان ما تم تطهير شبه الجزيرة من جيوب المقاومة، وخلال العام تم أيضًا احتلال بعض الأراضي شمال نهر بو. وبعد سنوات عديدة من النضال المرهق، عادت إيطاليا غير الدموية، ومركزها الإداري في رافينا، إلى الإمبراطورية. في العام، أصدر جستنيان "العقوبة العملية"، التي ألغت جميع ابتكارات توتيلا - تم إرجاع الأرض إلى أصحابها السابقين، وكذلك العبيد والمستعمرين الذين أطلقهم الملك. لم يثق الإمبراطور في كفاءة المسؤولين الإمبراطوريين، فعهد بإدارة الأنظمة الاجتماعية والمالية والتعليمية في إيطاليا إلى الأساقفة، حيث ظلت الكنيسة القوة الأخلاقية والاقتصادية الوحيدة في البلد المدمر. وفي إيطاليا، كما في أفريقيا، تعرضت الآريوسية للاضطهاد.

حقق استيراد بيض دودة القز من الصين لمدة عام تقريبًا، والتي كانت حتى ذلك الحين تحافظ بشكل صارم على سر إنتاج الحرير، نجاحًا كبيرًا. وفقًا للأسطورة، أقنع الإمبراطور نفسه الرهبان النسطوريين الفرس بتسليم البضائع الثمينة له. منذ ذلك الوقت، بدأت القسطنطينية في إنتاج الحرير الخاص بها، والذي تم إنشاء احتكار الدولة عليه، مما جلب إيرادات كبيرة إلى الخزانة.

إرث

صلوات

تروباريون، النغمة 3

مشتهيًا جمال مجد الله، / في الأرض [حياة] لقد أرضيته / وبعد أن حسنت الموهبة الموكلة إليك، عززته / من أجله وحاربت بالبر / من أجل مكافأة أعمالك، / كرجل صالح، قبلت من المسيح الله // صلوا ليخلصه الذين يغنون لكم يا جستنيين.

كونتاكيون، النغمة 8

مختار التقوى كثير / ونصر الحق ليس مخزيا / يمدحك الناس بأمانة وإخلاص أكثر حكمة من الله / بل لأن لك جرأة تجاه المسيح الله / أنت الذي تسبح بكل تواضع اطلب ذلك، دع نحن نناديك: افرحي يا جستنيان ذي الذاكرة الأبدية.

المصادر، الأدب

• بروكوبيوس القيصري, حروب جستنيان.
• بروكوبيوس القيصري, عن المباني.
• بروكوبيوس القيصري, التاريخ السري

• دياكونوف، أ.، "أخبار يوحنا الأفسسي والسجلات السورية عن السلاف في القرنين السادس والسابع"، VDI, 1946, № 1.
• ريجوف، كونستانتين، جميع ملوك العالم: المجلد 2 - اليونان القديمة، روما القديمة، بيزنطة، م: "فيتشي"، 1999، 629-637.
• ألين، بولين، "الطاعون "الجستنيانى"،" بيزنطة, № 49, 1979, 5-20.
• أثاناسيادي، بوليمنيا، "الاضطهاد والرد عليه في الوثنية المتأخرة"، JHS, № 113, 1993, 1-29.
• باركر، جون إي. جستنيان والإمبراطورية الرومانية اللاحقةماديسون، ويسكونسن، 1966.
• براوننج، روبرت جستنيان وثيودورا، الطبعة الثانية، لندن، 1987.
• بوندي، د.د.، "جاكوب بارادايوس: حالة البحث"، موسون, № 91, 1978, 45-86.
• بوري، جي بي، "أعمال الشغب في نيكا"، JHS, № 17, 1897, 92-119.
• كاميرون، آلان، "الهرطقات والفصائل"، بيزنطة, № 44, 1974, 92-120.
• كاميرون، آلان فصائل السيرك. البلوز والخضر في روما وبيزنطة، أكسفورد، 1976.
• كاميرون، أفريل، أغاثياس، أكسفورد، 1970.
• كاميرون، أفريل، بروكوبيوس والقرن السادس، بيركلي، 1985.
• كاميرون، أفريل، عالم البحر الأبيض المتوسط ​​في العصور القديمة المتأخرةلندن ونيويورك، 1993.
• كابيزي, جوستينيانو أنا عبر السياسة والدين، ميسينا، 1994.
• تشوفين، بيير، آرتشر، بكالوريوس، ترانس.، تاريخ الوثنيين الأخيرين، كامبريدج، 1990.
• ديهل، تشارلز، جوستينيان والحضارة البيزنطية في القرن السادس، الأول والثاني، باريس، 1901.
• ديهل، تشارلز، ثيودورا، امبراطورة بيزانس، باريس، 1904.
• داوني، جلانفيل، "جستنيان في دور البناء" نشرة فنية, № 32, 1950, 262-66.
• داوني، جلانفيل، القسطنطينية في عصر جستنيان، نورمان، أوكلاهوما، 1960.
• إيفانز، ج.أ.س.، "بروكوبيوس والإمبراطور جستنيان"، الأوراق التاريخية، الجمعية التاريخية الكندية, 1968, 126-39.
• إيفانز، ج.أ.س.، ""تمرد نيكا والإمبراطورة ثيودورا"،" بيزنطة, № 54, 1984, 380-82.
• إيفانز، ج.أ.س، "تواريخ بروكوبيوس": تلخيص للأدلة،" جربس, № 37, 1996, 301-13.
• إيفانز، ج.أ.س. بروكوبيوس، نيويورك، 1972.
• إيفانز، ج.أ.س. عصر جستنيان. ظروف القوة الإمبراطوريةلندن ونيويورك، 1996.
• فوتيو، أ.، "نقص التوظيف في القرن السادس"، بيزنطة, № 58, 1988, 65-77.
• فودن، جارث، الإمبراطورية إلى الكومنولث: عواقب التوحيد في العصور القديمة المتأخرة، برينستون، 1993.
• فريند، دبليو إتش سي، صعود حركة المونوفيزيت: فصول عن تاريخ الكنيسة في القرنين الخامس والسادس، كامبريدج، 1972.
• جيروسترجيوس، أستيريوس، جستنيان الكبير: الإمبراطور والقديس، بلمونت، 1982.
• روس. ترجمة: جيروسترجيوس، أ.، جستنيان الكبير - الإمبراطور والقديس[ترجمة. من الانجليزية بروت. M. Kozlov]، M.: دار نشر دير سريتنسكي، 2010.
• جوردون، سي دي، "سياسات بروكوبيوس وجستنيان المالية،" فينيكس, № 13, 1959, 23-30.
• جرابار، أندريه العصر الذهبي لجستنيان، من وفاة ثيودوسيوس إلى ظهور الإسلام، نيويورك، 1967.
• غريتريكس، جيفري، "شغب نيكا: إعادة تقييم"، JHS, 117, 1997, 60-86.
• جريتريكس، جيفري، روما وبلاد فارس في الحرب, 502-532، ليدز، 1998.
• هاريسون، آر إم، معبد لبيزنطة، لندن، 1989.
• هارفي، سوزان أشبروك، تذكر الألم: التأريخ السرياني وفصل الكنائس، بيزنطة, № 58, 1988, 295-308.
• هارفي، سوزان أشبروك، الزهد والمجتمع في أزمة: يوحنا الأفسسي و"حياة القديسين الشرقيين"، بيركلي، 1990.
• هيرين، جوديث، تشكيل العالم المسيحي، أكسفورد، 1987.
• هيرين، جوديث، "بيزانس: القصر والمدينة" بيزنطة, № 61, 1991, 213-230.
• هولمز، ويليام ج. عصر جستنيان وثيودورا: تاريخ القرن السادس الميلادي، الطبعة الثانية، لندن، 1912.
• أونوريه، توني، تريبونيان، لندن، 1978.
• ميندورف، ج.، "جستنيان، الإمبراطورية، والكنيسة"، DOP, № 22, 1968, 43-60.
• مورهيد، جون جستنيانلندن ونيويورك، 1994.
• شهيد، أنا، بيزنطة والعرب في القرن السادس، واشنطن العاصمة، 1995.
• ثورمان، دبليو إس، "كيف سعيت جستنيان للتعامل مع مشكلة المنشقين الدينيين،" جوتر, № 13, 1968, 15-40.
• أور، P. N.، جستنيان وعهده، هارموندسوورث، 1951.
• فاسيلييف، أ.أ.، تاريخ الإمبراطورية البيزنطية، ماديسون، 1928، مندوب. 1964:
• انظر الترجمة الروسية المجلد 1، الفصل. 3 "جستنيان الكبير وخلفاؤه المباشرون (518-610)" على http://www.hrono.ru/biograf/bio_yu/yustinian1.php
• واتسون، آلان، ترانس. ملخص جستنيان، مع النص اللاتيني الذي حرره ت. مومسن بمساعدة بول كروجر، الأول إلى الرابع، فيلادلفيا، 1985.
• ويشكي، كينيث ب.، عن شخص المسيح: كريستولوجيا الإمبراطور جستنيان، كريستوود، 1991.

المواد المستعملة

• صفحة البوابة التاريخية كرونوس:
• http://www.hrono.ru/biograf/bio_yu/yustinian1.php - الفن المستخدم. مكتب تقييس الاتصالات. الموسوعات العالم من حولنا; من كتاب داشكوف، S. B.، أباطرة بيزنطة، م، 1997؛ التقويم التاريخي - التقويم روس المقدسة.
• إيفانز، جيمس آلان، “جستنيان (527-565 م)،” موسوعة إلكترونية للأباطرة الرومان، سانت بطرسبورغ، دار نوح للنشر، 1994، 25-44: و"فلافيوس" علامة الانتماء إلى العائلة الإمبراطورية.

  الكلمة مفقودة من الأصل. ربما غاب عن طريق الخطأ.

محتوى المقال

جستنيان الأول العظيم(482 أو 483-565)، أحد أعظم الأباطرة البيزنطيين، ومدون القانون الروماني وباني كاتدرائية القديس بولس. صوفيا. ربما كان جستنيان إيليريًا، وُلد في توريزيا (مقاطعة دردانيا، بالقرب من سكوبيي الحديثة) لعائلة فلاحية، لكنه نشأ في القسطنطينية. عند ولادته حصل على اسم بيتر سافاتيوس، الذي أضيف إليه لاحقًا فلافيوس (كدليل على الانتماء إلى العائلة الإمبراطورية) وجستنيان (تكريمًا لعمه الإمبراطور جوستين الأول، الذي حكم في الفترة من 518 إلى 527). أصبح جستنيان، المفضل لدى عمه الإمبراطور، الذي لم يكن لديه أطفال، شخصية مؤثرة للغاية تحت قيادته، وترقى تدريجيًا في الرتب، وترقى إلى منصب قائد الحامية العسكرية في العاصمة (magister equitum et peditum praesentalis) ). تبناه جاستن وجعله شريكًا له في الحكم في الأشهر القليلة الأخيرة من حكمه، وعندما توفي جاستن في الأول من أغسطس عام 527، اعتلى جستنيان العرش. دعونا نفكر في عهد جستنيان من عدة جوانب: 1) الحرب؛ 2) الشؤون الداخلية والحياة الخاصة؛ 3) السياسة الدينية. 4) تدوين القانون.

الحروب.

لم يشارك جستنيان أبدًا بشكل شخصي في الحروب، وعهد بقيادة العمليات العسكرية إلى قادته العسكريين. بحلول وقت اعتلائه العرش، ظلت العداوة الأبدية مع بلاد فارس، والتي أدت في عام 527 إلى حرب من أجل الهيمنة على منطقة القوقاز، مشكلة دون حل. حقق بيليساريوس، قائد جستنيان، انتصارًا رائعًا في دارا في بلاد ما بين النهرين عام 530، لكنه هزم في العام التالي على يد الفرس في كالينيكوس في سوريا. أبرم ملك فارس، خسرو الأول، الذي حل محل كافاد الأول في سبتمبر 531، "سلامًا دائمًا" في بداية عام 532، والذي بموجب شروطه كان على جستنيان أن يدفع لبلاد فارس 4000 رطل من الذهب لصيانة القلاع القوقازية التي قاوم غارات البرابرة، وتخلى عن الحماية على أيبيريا في القوقاز. اندلعت الحرب الثانية مع بلاد فارس عام 540، عندما سمح جستنيان، المنشغل بشؤون الغرب، لقواته في الشرق بأن تضعف بشكل خطير. وقع القتال في المنطقة الممتدة من كولشيس على ساحل البحر الأسود إلى بلاد ما بين النهرين وآشور. في عام 540، نهب الفرس أنطاكية وعدد من المدن الأخرى، لكن الرها تمكنت من سداد ثمنها. في عام 545، كان على جستنيان أن يدفع 2000 جنيه من الذهب مقابل الهدنة، والتي، مع ذلك، لم تؤثر على كولشيس (لازيكا)، حيث استمرت الأعمال العدائية حتى 562. وكانت التسوية النهائية مشابهة للتسويات السابقة: كان على جستنيان أن يدفع 30000 أوري ( العملات الذهبية) سنويًا، وتعهدت بلاد فارس بالدفاع عن القوقاز وعدم اضطهاد المسيحيين.

قام جستنيان بحملات أكثر أهمية في الغرب. كان البحر الأبيض المتوسط ​​في السابق ملكًا لروما، لكن الآن أصبحت إيطاليا وجنوب بلاد الغال ومعظم أفريقيا وإسبانيا تحت سيطرة البرابرة. وضع جستنيان خططًا طموحة لإعادة هذه الأراضي. تم توجيه الضربة الأولى ضد المخربين في أفريقيا، حيث حكم جيليمر غير الحاسم، الذي دعم منافسه تشايلديريك جستنيان. في سبتمبر 533، هبط بيليساريوس على الساحل الأفريقي دون تدخل وسرعان ما دخل قرطاج. على بعد حوالي 30 كم غرب العاصمة، انتصر في معركة حاسمة وفي مارس 534، بعد حصار طويل على جبل بابوا في نوميديا، أجبر جيليمر على الاستسلام. ومع ذلك، لا يزال من غير الممكن اعتبار الحملة قد انتهت، حيث كان لا بد من التعامل مع البربر والمور والقوات البيزنطية المتمردة. تم تكليف الخصي سليمان بتهدئة المقاطعة وفرض السيطرة على سلسلة جبال الأورس وشرق موريتانيا، وهو ما فعله في 539-544. بسبب الانتفاضات الجديدة عام 546، كادت بيزنطة أن تفقد أفريقيا، ولكن بحلول عام 548 أسس جون تروجليتا قوة قوية ودائمة في المقاطعة.

لم يكن غزو أفريقيا سوى مقدمة لغزو إيطاليا، التي كان يسيطر عليها القوط الشرقيون الآن. فقتل ملكهم ثيودات أمالاسونثا ابنة ثيودوريك العظيم الذي رعاه جستنيان، وكانت هذه الحادثة بمثابة ذريعة لاندلاع الحرب. بحلول نهاية عام 535، تم احتلال دالماتيا، واحتل بيليساريوس صقلية. وفي عام 536 استولى على نابولي وروما. تم تهجير ثيوداتوس من قبل ويتيجيس، الذي حاصر بيليساريوس في روما من مارس 537 إلى مارس 538، لكنه اضطر إلى التراجع شمالًا بلا شيء. ثم احتلت القوات البيزنطية بيكينوم وميلانو. سقطت رافينا بعد حصار استمر من أواخر عام 539 إلى يونيو 540، وتم إعلان إيطاليا مقاطعة. ومع ذلك، في عام 541، تولى ملك القوط الشاب الشجاع، توتيلا، مهمة استعادة ممتلكاته السابقة بين يديه، وبحلول عام 548، امتلك جستنيان أربعة رؤوس جسور فقط على ساحل إيطاليا، وبحلول عام 551، امتلك صقلية وكورسيكا وسردينيا أيضًا مرت إلى القوط. في عام 552، وصل القائد البيزنطي الموهوب الخصي نارسيس إلى إيطاليا بجيش مجهز ومجهز جيدًا. تحرك بسرعة من رافينا إلى الجنوب، وهزم القوط في طاجين في وسط جبال الأبنين وفي المعركة الحاسمة الأخيرة عند سفح جبل فيزوف عام 553. وفي عامي 554 و555، طهر نارسيس إيطاليا من الفرنجة والألمانيين وقمعهم. آخر مراكز المقاومة القوطية. تمت استعادة الأراضي الواقعة شمال نهر بو جزئيًا في عام 562.

توقفت مملكة القوط الشرقيين عن الوجود. أصبحت رافينا مركز الإدارة البيزنطية في إيطاليا. حكم نارسيس هناك باعتباره أرستقراطيًا من عام 556 إلى عام 567، وبعده بدأ يُطلق على الحاكم المحلي اسم الإكسراخ. جستنيان أكثر من راضٍ عن طموحاته. كما خضع له الساحل الغربي لإسبانيا والساحل الجنوبي لبلاد الغال. ومع ذلك، فإن المصالح الرئيسية للإمبراطورية البيزنطية كانت لا تزال في الشرق، في تراقيا وآسيا الصغرى، وبالتالي فإن تكلفة الاستحواذ في الغرب، والتي لا يمكن أن تكون دائمة، ربما كانت مرتفعة للغاية.

حياة خاصة.

كان الحدث الرائع في حياة جستنيان هو زواجه عام 523 من ثيودورا، وهي مومس وراقصة ذات سمعة مشرقة ولكن مشكوك فيها. لقد أحب ثيودورا واحترمها بإخلاص حتى وفاتها عام 548، ووجد فيها حاكمًا مشاركًا ساعده في حكم الدولة. ذات مرة، عندما كان جستنيان وأصدقاؤه، خلال انتفاضة نيكا في 13-18 يناير 532، على وشك اليأس بالفعل وناقشوا خطط الهروب، كان ثيودورا هو الذي تمكن من إنقاذ العرش.

اندلعت انتفاضة نيكا في ظل الظروف التالية. كانت الأحزاب التي تشكلت حول سباق الخيل في ميدان سباق الخيل تقتصر عادة على العداء مع بعضها البعض. لكنهم اتحدوا هذه المرة وقدموا مطلبًا مشتركًا للإفراج عن رفاقهم المسجونين، أعقبه مطلب بإقالة ثلاثة مسؤولين لا يتمتعون بشعبية. أظهر جستنيان امتثاله، ولكن هنا انضم الغوغاء الحضريون، غير الراضين عن الضرائب الباهظة، إلى النضال. استغل بعض أعضاء مجلس الشيوخ الاضطرابات ورشحوا هيباتيوس، ابن شقيق أناستاسيوس الأول، كمنافس على العرش الإمبراطوري، إلا أن السلطات تمكنت من شق الحركة عن طريق رشوة زعماء أحد الأحزاب. وفي اليوم السادس، هاجمت القوات الموالية للحكومة الناس المتجمعين في ميدان سباق الخيل وارتكبت مذبحة وحشية. ولم يشفق جستنيان على المطالب بالعرش، بل أظهر فيما بعد ضبط النفس، فخرج من هذه المحنة الصعبة أقوى. تجدر الإشارة إلى أن الزيادة في الضرائب نتجت عن تكاليف حملتين واسع النطاق - في الشرق والغرب. أظهر الوزير جون كابادوكيا معجزات البراعة، حيث حصل على الأموال من أي مصدر وبأي وسيلة. مثال آخر على إسراف جستنيان كان برنامج البناء الخاص به. فقط في القسطنطينية وحدها يمكن تسمية المباني الفخمة التالية: كاتدرائية القديس، أعيد بناؤها بعد تدميرها خلال انتفاضة نيكا. صوفيا (532-537)، والتي لا تزال واحدة من أعظم المباني في العالم؛ ما يسمى لم يتم حفظه ولا يزال غير مدروس بشكل كاف. القصر الكبير (أو المقدس)؛ ساحة أوغستيون والمباني الرائعة المجاورة لها؛ كنيسة القديسة التي بناها ثيودورا الرسل (536-550).

السياسة الدينية.

كان جستنيان مهتمًا بالقضايا الدينية واعتبر نفسه لاهوتيًا. كونه ملتزمًا بالأرثوذكسية بشغف، حارب الوثنيين والزنادقة. وفي أفريقيا وإيطاليا، عانى الأريوسيون منه. لقد تم التسامح مع المونوفيزيين الذين أنكروا إنسانية المسيح لأن ثيودورا شاركتهم وجهات نظرهم. فيما يتعلق بالمونوفيسيتيين، واجه جستنيان خيارًا صعبًا: لقد أراد السلام في الشرق، لكنه أيضًا لم يرغب في التشاجر مع روما، وهو ما لا يعني شيئًا على الإطلاق بالنسبة للمونوفيسيتيين. في البداية، حاول جستنيان تحقيق المصالحة، ولكن عندما تم حرمان المونوفيزيين في مجمع القسطنطينية عام 536، استؤنف الاضطهاد. ثم بدأ جستنيان في تمهيد الطريق للتسوية: حاول إقناع روما بتطوير تفسير أكثر ليونة للأرثوذكسية، وأجبر البابا فيجيليوس، الذي كان معه في 545-553، على إدانة موقف العقيدة المعتمد في الرابع. المجمع المسكوني في خلقيدونية. حصل هذا الموقف على الموافقة في المجمع المسكوني الخامس، الذي انعقد في القسطنطينية عام 553. وبحلول نهاية عهده، كان من الصعب تمييز المنصب الذي يشغله جستنيان عن منصب المونوفيزيين.

تدوين القانون.

كانت الجهود الهائلة التي بذلها جستنيان لتطوير القانون الروماني أكثر إثمارًا. تخلت الإمبراطورية الرومانية تدريجياً عن صلابتها السابقة وعدم مرونتها، بحيث بدأ أخذ ما يسمى بالمعايير في الاعتبار على نطاق واسع (وربما مفرط). "حقوق الشعوب" وحتى "القانون الطبيعي". قرر جستنيان تلخيص وتنظيم هذه المادة الشاملة. تم تنفيذ العمل من قبل المحامي المتميز تريبونيان مع العديد من المساعدين. ونتيجة لذلك، وُلدت مدونة القانون المدني الشهيرة Corpus iuris Civilis ("قانون القانون المدني")، والتي تتكون من ثلاثة أجزاء: 1) Codex Iustinianus ("قانون جستنيان"). تم نشره لأول مرة في عام 529، ولكن سرعان ما تم تنقيحه بشكل كبير وفي عام 534 حصل على قوة القانون - على وجه التحديد بالشكل الذي نعرفه به الآن. وشمل ذلك جميع المراسيم الإمبراطورية (الدساتير) التي بدت مهمة وبقيت ذات صلة، بدءًا من الإمبراطور هادريان الذي حكم في بداية القرن الثاني، بما في ذلك 50 مرسومًا لجستنيان نفسه. 2) Pandectae أو Digesta ("الملخصات")، وهو عبارة عن تجميع لآراء أفضل الفقهاء (القرنين الثاني والثالث بشكل رئيسي)، تم إعداده في 530-533، مزودًا بالتعديلات. تولت لجنة جستنيان مهمة التوفيق بين المناهج المختلفة للفقهاء. وأصبحت القواعد القانونية الموضحة في هذه النصوص الرسمية ملزمة لجميع المحاكم. 3) المؤسسات ("المؤسسات"، أي "الأساسيات")، كتاب القانون للطلاب. كتاب مدرسي للرجل، المحامي الذي عاش في القرن الثاني. م، تم تحديثه وتصحيحه، ومنذ ديسمبر 533 تم إدراج هذا النص في المنهج الدراسي.

بعد وفاة جستنيان، تم نشر Novellae ("القصص")، وهي إضافة إلى القانون، والتي تحتوي على 174 مرسومًا إمبراطوريًا جديدًا، وبعد وفاة تريبونيان (546)، نشر جستنيان 18 وثيقة فقط. معظم الوثائق مكتوبة باللغة اليونانية، التي اكتسبت مكانة اللغة الرسمية.

السمعة والإنجازات.

عند تقييم شخصية جستنيان وإنجازاته، يجب أن نأخذ في الاعتبار الدور الذي لعبه معاصره وكبير المؤرخين بروكوبيوس في تشكيل فهمنا له. كان بروكوبيوس عالمًا واسع المعرفة وكفؤًا، ولأسباب غير معروفة لنا، واجه عداءًا مستمرًا تجاه الإمبراطور، لم يحرم نفسه من متعة صبه عليه. التاريخ السري (الحكايات) وخاصة فيما يتعلق بثيودورا.

وقد قلل التاريخ من شأن فضائل جستنيان باعتباره كاتباً عظيماً للقانون، ولهذا السبب وحده منحه دانتي مكاناً في الجنة. في الصراع الديني، لعب جستنيان دورًا متناقضًا: في البداية حاول التوفيق بين المنافسين والتوصل إلى حل وسط، ثم أطلق العنان للاضطهاد وانتهى به الأمر بالتخلي بشكل شبه كامل عما أعلنه في البداية. ولا ينبغي الاستهانة به كرجل دولة واستراتيجي. فيما يتعلق ببلاد فارس، اتبع السياسة التقليدية، وتحقيق بعض النجاحات. تصور جستنيان برنامجًا فخمًا لإعادة الممتلكات الغربية للإمبراطورية الرومانية وقام بتنفيذه بالكامل تقريبًا. ومع ذلك، بقيامه بذلك، فقد أخل بتوازن القوى في الإمبراطورية، وربما كانت بيزنطة فيما بعد تفتقر بشدة إلى الطاقة والموارد التي تم إهدارها في الغرب. توفي جستنيان في القسطنطينية في 14 نوفمبر 565.